بسم الله الرحمن الرحيم
روح رمضان

د.ضياء الدين الجماس

سَبَحتْ رياحُ غياثنا برحابـها .. تأتي بخيرٍ غامرٍ لـحِبابـها
رمضان من أعلى السماءِ تنزلت ... بركاته بسحابـها وضبابـها
بقدومه فرحت به كل الدنا... في بهجة بحضورها وغيابها
ذا الضيف يطرق بابكم هيا افتحوا... فمكوثه كسحابة بسرابها
ومتاعه علم وأخلاق الهدى... ومكوثه شهر ليسألَ ما بها؟
من فجره حتى الغروب صيامه ... وخَلوفُه طيبُ الجوى برضابها
بنهاره منع الطعام لحكمة.. لترى الجياع بضيرها وعذابها
هو صائم بنهاره يرجو التقى ... متقرباً ليكون من أنسابها
رمضان خِلٌّ في الكتاب سِجِلُّه ... طهْر لنفس والتقيَّ علا بها
"صوموا تصحوا" ذاك قول رسولنا .... فيه الهدى كمنارة جلَّى بها
بدخوله خرج الطبيب موقراً ... حيث النفوس تطهرت مما بها
طابت مساجده بزهو قبابها ... مسكٌ وعطرٌ في شذا أطيابـها
أدوا التراويح التي أحيت بنا ...شوقاً تهدهده ذرا أهدابها
ضيف كريم نازل برحالنا... والحرب دائرة الرحى، ماذا بها؟
رمضان هذا العام يأتي مغضباً ...فالبغي عاث بحرثها ودوابها
فلعله يأتي برشد ناصحٍ ... وبرحمة تأتي لنا من بابها
كل المعاني أُطلقت بذهابها ... وتنافست وتأرجحت بإيابها

رمضان خمسةُ أحرف غنى بها... مُتَبَتِّلٌ ويعيشُ في مـِحرابـها
راءٌ وميمٌ لوحةٌ بجمالها... والضاد بعد الميم من أحبابـها
من بعدها ألِف فَنُونٌ ختْمُها... فتكاملت وتسوَّرت بـحرابها
في "رائه" الرحمن يرحمُ عبدَه.. منذ الخلائق في نوى أصلابها
هو رحمة وهديَّة وهبت لنا... ما أجمل الرحمات في أقطابها
والرحمة امتزجت بروح رحيقه ... كالأمِّ رحمةُ قلبها برحابها
في "الميم" مغفرةُ الغفورِ لعبده .... بذنوبه وهو الذي أدرى بـها
هو مصنع لرجال عزٍّ في التقى ... مثل السيوف تدججت بقِرابها
رمضان منتصر بسيف غُزاته .... فُتحت لـهم دولٌ بدون خرابـها
ومنارة في العلم يـمحو جهلنا ... فالجأْ لها وادخل بها من بابها
من صامه تقوى فنعم صيامه ... يُزْكي العبادَ بشيبها وشبابها
في "الضاد" ضوءٌ من ضمانِ جنانه ... دفقت صنوف الشهْد من أعنابها
نـهر من الصبر الجميل مياهه ... شربوا لذيذ الوجد من أكوابها
ولَذكر قلبٍ دافق بدمائه .... يروي نفوساً أقفرت بترابها
"ألِفُ" الأواخر قدْرُها في ليلة ... مـخفيةٍ جَلَّتْ بقَدْر ثوابها
مقدارها الآلاف من أيامنا... يتنزل الملَك الكرام ببابها
فيها الأمان من النيران يُـعتقنا... هَلّا طمعتَ تكون من أصحابها؟
بنوالها كل القلوب تراقصت .... خفاقةً كالطير في أسرابـها
في"النون" نيرانٌ خبت بأوارها .... واستُبدلَت برداً على أعقابها
والله يطفئها بنور سلامه .... يؤتي جنانَ الحور في أثوابها
فارزقْنِ يا ربِّ الكريمِ قيامَها ...واقبل دعائي ليتني أحظى بها
و"النون" نور يُهتدى بكماله .... ولـَجَ القلوبَ هداهُ من أبوابها
فترى النفوس وقد غدت دُريَّة... سجدت تقى والمـجد في أعتابها
تلك المعاني من رحيق زهوره ... عَبَـقت بعطر فاح من توَّابـها
بختامه عيد وفرحة صائم ... بدنُوِّه من جنة بقـــــرابها
والعيد فيه جماله بـهديَّـــة ... فتْحُ الكريم بنظرةٍ سرَّى بـها

والحمد لله رب العالمين

اللهم بلغنا رمضان وفتح ليلة القدر
وتقبل عباداتنا يا رب العالمين