قصة نوح عليه السلام (الكامل)
د. ضياء الدين الجماس

أوَكُلَّما حل الظلام العاري ... نُـحِتَتْ له أرباب من أحجار ؟
ودٌّ سواعُ يغوثهم ويعوقهم ... نسراً كما يأتي من الأخبار
كُلٌّ يروم سجوده لحجارة ... نحتاً بأيديهم بكلِّ وقار
نوحٌ بصير عاقل يروي لهم ... شأن الهوى إن جال في الأمصار
عقل وفكر يهتدي ببصيرة ... فيرى بها نوراً من الأنوار
قد جاءه وحي السماء رسالةً ... يهدي بها من زاغ في الأغوار
يا نوح قد جادلتنا بضلالة ... لم تُــرْوَ في الأجداد والأحبار
لم يتَّبعْكَ سوى ضعيف هالك ... ولأنت فينا لست بالمختار
عبد فقير ليس من مال له... بصناعة تقتات كالنجار
يا نوح أكثرت الجدال بلا سُدى ... ومهدداً بالطوف من قهار
سخروا به وبما دعا لعقيدة ... ربٌّ وحيد منزل الأمطار
وسفينة كالطود في صحرائهم ...يبني بها لتوقع الإبحار
قالوا جنون واضح أنَّى له ... يأتي ببحر هائج الإعصار
صُمٌّ وعُمْيٌ لوثة بعقولهم...فالبحر يطغى لحظةً بنهار
قد عاش فيهم دهره بتمامه ... ألفا من الأعوام باستهتار
إلا قليلا ، عاشها بجحودهم...وأتاه وحيٌّ جاء بالإنذار
من آمنوا ركبوا بها وخلائق ... زوجاً من الحيوان والأطيار
جاء الوعيد بغيثه وبحاره ... طوفاً علاه وفاض بالأنهار
وابن له عاصٍ جرى لجبالها... ظناً بها تحميه من أقدار
غرق الجميع بكفرهم وذنوبهم ... ونجا تقيٌّ خالص الإقرار
"يا أرض غيضي ، يا سماء فكفكفي" ... وحي أتى للكون من جبار
فرست على جوديها بهوادة... فرحوا بها وبنعمة الإبصار
وهداية من ربهم تهدي الورى .... لله خالقهم وذي الأنوار
هذي روايته هدى كمنارة ... تروى كموعظة من الأسرار

قصة نوح عليه السلام
د. ضياء الدين الجماس (البسيط)

نوح دعا قومه ألفاً سنين مَضَت ..إلا قلائلها في ترك أوثان
"ودٌّ" "يغوثُ" و"نسراً" و"اليعوقُ" كذا ... سواعُ خامسهم كلٌّ بـبطلان
لكنهم سخروا من دعوةٍ وَضحَتْ ... تأتـي لنجدتهم من يوم طوفان
يبني سفينته في البر قد شَمَخَت ... طوداً كما نظروا وحياً بإيـمان
نادى لزوجته لكنها رفَضَت ... والإبن فارقه كفراً بعصيان
آن الأوان بـهم والسُّحْبُ قد لَبِدَتْ ، والرعد منذرهم قصفاً بألحان
قد حان موعدهم تَنُّورُهم فُجِرَت ... والسحب ماطرة والبحر بـحران
آوتْ سفينَتُه مَنْ آمنوا معه .... زوجاً كمَمْلكةٍ من كل حيوان
نادى فيا ولدي إياك من غرق ... فاركب سفينتنا واهجر لعصيان
"آوي إلى جبل في الحال يعصمني" ... في الجهل مهلكة ذل بخذلان
والسحب ذي سُحِبَت والماء قد بُلِعَت ... والساعة انفرجت غنت لركبان
حطَّتْ سفينتهم أمْناً على جَبَل ... والله عاصمهم والنصر نصران
"جوديُّ" مهبطهم سفحاً به انتشروا ..عاشوا بمكرمة والعصر عصران
وَعْـظاً لـمتعظ في قِصَّة ذُكرت ... تاريخها جلل ، تبقى بوجدان