من دروس اللغة. الحلقة 17

[المعرّب في القرآن الكريم ]

لامرية في أن القرآن الكريم نزل بلسان عربي مبين لقول الحق سبحانه ( قرآنا عربيا غير ذي عوج ) وقوله ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا ) وأنه في غاية الفصاحة والبلاغة والبيان ولذا تحدّى الله الإنس والجن - ولو اجتمعوا - أن يأتوا بمثله [ قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لايأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً ]...

وقد اختلف اللغويون والمفسرون في وقوع المعرّب في القرآن الكريم على ثلاثة أقوال :
القول الأول : المانعون
يقول الإمام الشافعي رحمه الله : القرآن يدل على أن ليس من كتاب الله شيئ إلا بلسان العرب وأنه كله عربي مبين لقوله تعالى ( وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه... ) وقال أبوعبيدة :
القرآن إنما أنزل بلسان عربي مبين فمن زعم أن فيه غير العربية فقد أعظم القول...
وقد وافقهما ابن فارس وابن جنّي والفخرالرازي وابن جرير الطبري وأن ما قيل من المعرّبات في القرآن إنما هو توافق وتوارد بين اللغات وانتشر بالنقل...يقول ابن جرير : ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما وغيره من تفسير ألفاظ القرآن بالفارسية أو الحبشية أو النبطية أو نحو ذلك إنما اتفق فيه توارد اللغات فتكلمت بها العرب والفرس والحبشة بلفظ واحد.....
وقد ذكر الثعالبي بعضاً مما اتفقت عليه العرب والفرس مثل [ دينار - درهم - تنور ]

القول الثاني : المجيزون
من العلماء من يجيز وقوع المعرّب في القرآن كابن عباس ومجاهد وعكرمة ويرون أن الكلمات القليلة لاتخرجه عن كونه عربياً وقد أشار السيوطي في المزهر إلى قولهم :
أن من السريانية في القرآن[ اليم والطور وطه ] ومن الرومية [ الصراط والقسطاس والفردوس ] ومن الحبشية[ مشكاة وكفلين ] ومن الحورانية [هيت لك ]

القول الثالث : الموفِّقون بين القولين :-
يرى بعض العلماء : أن أصل هذه المعرّبات بغير العربية ثم لفظت بها العرب بلسانها قبل نزول القرآن بها وطوّعتها وعرّبتها باستعمالها...يقول الجواليقي في كتابه [ المعرّب ] : ثم لفظت به العرب بألسنتها فعرّبته فصار عربيا بتعريبها ، فهي عربية في الحال أعجمية الأصل ، فهذا القول يُصدّق الفريقين جميعاً.....
وقال أبوعبيد القاسم بن سلاّم : والصواب عندي مذهب فيه تصديق القولين جميعا وذلك أن هذه الأحرف أصولها أعجمية كما قال الفقهاء لكنها وقعت للعرب فعرّبتها بألسنتها وحوّلتها عن ألفاظ العجم إلى ألفاظها فصارت عربية ثم نزل القرآن وقد اختلطت هذه الحروف بكلام العرب فمن قال : إنها عربية فهو صادق ، ومن قال : أعجمية فصادق... ) ومال إلى هذا الرأي ابن الجوزي وغيره....

يقول د.محمد الحمد:
( ولعل هذا الرأي هو الأقرب للصواب فمن قال في كلمة سرادق - على سبيل المثال- إنها فارسية بمعنى أنها انحدرت إلى العرب من الفرس فهو مصيب ، ومن قال : إنها عربية بمعنى أن العرب كانت تعرفها وتستعملها قبل نزول القرآن - والقرآن نزل بلغة تفهمها العرب - فهو مصيب كذلك )

ومن الألفاظ ذات الأصل الأعجمي وتعرّبت قبل نزول القرآن بها ثم زادها القرآن تعريباً ما يلي :
[سندس. القسطاس. أرائك. أسفار. أباريق. اليم. كفلين. الصراط. ملكوت. تسنيم. طوبى. سجّيل. زنجبيل . مشكاة. سرادق. قراطيس. تنور. سلسبيل. الجبت. دينار. قنطار. الفردوس. إبراهيم. إسماعيل. إسحاق. يوسف. يعقوب.....وغيرها ]