أخي خشان ..
لا فض فوك ..
في بحثي عن الخبب، أثرت مشكلة (فاعِلُ)، وذكرتُ أن من تحدّث عنها إنما كان يعتبرها ابتكاراً جديداً لم يرد في شعر القدماء، ولا سجّلها العروض القديم. وشككت في ذلك كلّه. فهي أقدم كثيراً مما يدّعون، ولأنها من خصائص الخبب كان لا بد لها من الظهور. وعلى الرغم من ضياع معظم قصائد الخبب القديمة فهاكَ مثالاً وجدته عند أشهر شعراء الخبب؛ الحصري القيرواني (-488هـ) في قصيدة له يقول فيها:
أَعَنِ الإغريضِ أم البَرَدِ = ضحِكَ المُتَعجّبُ منْ جَلَدي
يا هاروتيَّ الطّرْفِ تُرى = كمْ لَكَ نَفَثاتٌ في العُقَدِ
وهو أسبق من ابن الجوزي (-597هـ) بما يزيد عن مئة وتسع سنوات.
وهاك مثالاً آخر لابن الأبّار البلنسي (-658هـ):
بَيْتُهُ في الترْبِ رَسا وتَداً = وعلى الأفلاكِ لهُ طُنُبُ
ولفتيات الشاغوري (-615هـ):
آهاً منْ هجْرِكَ والإعْرا = ضِ وطولِ صدودِكَ والمَلَلِ
لا بلْ واهاً لِسَجايا المَلِـ = كِ الأفضَلِ نورِ الدين علي
ولعلي بن القاسم الزيدي (-1096هـ):
ودُّكَ قد صارَ يُكلّفُهُ = بِمَقالِ الشعْرِ ويُنطِقُهُ
ولقد أحسنت أخي خشان بتصحيح بيت ابن الجوزي الثاني، إلا أن صحيح بيت شوقي هو:
نتّخذُ الشمسَ له تاجا = وضَحاها عرشاً وهّاجا
ومثله قوله:
نبتدرُ الخيرَ ونستبِقُ = ما يرضى الخالِقُ والخُلُقُ
وله من نشيد النيل:
جارٍ ويُرى ليسَ بِجارِ = لأناةٍ فيهِ ووَقارِ
أما مَن ذكَرها من العروضيين القدماء فلم أجد غير ضياء الدين الحسني الراوندي (-560هـ)، وإنْ كان ذكْرها عنده لم يكن تسجيلاً واقعياً لورودها في الشعر، وإنما ظهرت لديه عَرَضاً وهو يولّد تفاعيله توليداً افتراضياً يقوم على تقليب مواضع المتحركات والسواكن، وقد عدّها تفعيلةً قائمة بذاتها، يتألف من تكرارها شعر متّزن، ومثّل لها بقوله:
ليتَ حبيبِيَ ساعةَ أعرَضَ = أجمَلَ هجْرِيَ وهْوَ جميلُ
وقوله من مسدسها:
أبْقِ عليَّ حبيبِي = ليسَ لِجَورِكَ دافِعْ
جُرْتَ عليَّ فطَرْفي = حيثُ ذكرْتًكَ دامِعْ