اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطوان عويضة مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نصبتماني قاضيا - بارك الله فيكما - في زمن أصبح فيه قضاؤنا - في مصر - مطعونا في نزاهته ومحلا للريبة والسخرية في آن. نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
لذا سأبرح منصة القضاء، وأنزع وشاح القاضي، وأرضى بأن أكون مستشارا لا قاضيا، وأن يكون قولي استشارة لا حكما. والمستشار مؤتمن ورأيه غير ملزم، أما القاضي فقوله حكم ملزم، لذا كان من كل ثلاثة قضاة قاضيان في النار وقاض واحد في الجنة، أسأل الله أن يعيذني وإياكما من النار وأن يثيبنا والمسلمين الجنة.
..................................................
الكلام الفصيح يحكمه أمران: المعنى والصناعة، أو المعنى والمبنى، والمراد بالمبنى الاستعمال العربي الأصيل الذي جرى عليه قول الفصحاء المستشهد بكلامهم؛ فإذا صح المعنى والمبنى فالكلام فصيح، وإذا اختل أحدهما فالكلام غير فصيح.
...........................
والخلاف بين أستاذتنا ذات المنطق وأستاذنا أبي صالح، في نحو (كانت لتشرب الشاي) - على اعتبار كان تامة- خلاف معنوي، بدليل أن أستاذنا أبا صالح يقبل البناء نفسه في (كانت آمنة لتلد محمدا := )، فالمبنى صحيح ولا فرق بين الجملتين من جهته، وهذا ما يجعل أستاذتنا ذات المنطق لا ترى بأسا من استعماله، مع إقرارها باختلاف المعنى من جهة (أهمية الغرض)؛ فالغرض في إحدى الجملتين (عظيم) وفي الأخرى (تافه).

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكرا لك أستاذنا الكريم عطوان عويضة على ما اجتهدت وأشرت وأوصيت . وجزاك الله خيرا بما وازنت بين طرفي النزاع .وقد أضفى تورّعك عن ارتداء وشاح القضاء المزيد من القوة لما فصلت في مشورتك وتوصيتك فلك ثواب ذلك من الله .

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطوان عويضة مشاهدة المشاركة
وما تدركه أستاذتنا وتقر به، هو عينه سبب رضا أستاذنا أبي صالح إحدى الجملتين ونفوره من الأخرى.
وسبب نفوره - وأراه محقا في ذلك - هو جعل علة وجود المرأة في الكون شرب الشاي فقط؛ لأن لام التعليل تفيد العلة وكان التامة تفيد الوجود في الكون؛
فلو كان خلق آمنة لعلة واحدة هي ولادة محمد := سائغة عقلا، فعلة خلق المرأة الأخرى لشرب الشاي فقط علة غير سائغة عقلا، لذا يستبعدها العقل - لا شعوريا- ويبدو الكلام غامضا للمتلقي. وذلك ليس لتفاهة الغرض فحسب بل لاتساع الفجوة بين العلة والمعلول، بين الحدث وعلة حدوثه.. ولا أظن ذلك خاصا باللغة العربية، ففي الانجليزية مثلا ما يشبه هذا ويسمى (anticlimax) وهو عيب ما لم يكن مقصودا للسخرية مثلا.

أرأيت أستاذي الكريم عطوان لو كان لديك دافع للقيام بفعل ما فأنت متأهب لفعله ومستعد .ثم إنك بعد أن فعلته وصفت ما كنت عليه من حال التأهب للفعل بقولك : كنت لأفعل ما فعلت ، كنت لأنام عميقا (لأنني مرهق من قبل ) ، كنت لأشرب الماء (لأنني عطشان)...أترى أن فعل الكون هنا غير مناسب للربط بين الكينونة التي كنتها والفعل الذي قمت به ؟ فالكينونة التي نعبر عنها بفعل الكون تتميز بمرونة تجعلها متعددة الأحوال . ولعل هذا خاص بدلالة فعل الكون دون غيره من الأفعال ، فإننا لا نستطيع تصور كينونة لكيان ما إلا بماهية معينة على حال معينة تملأ هذا الكيان وتحل فيه .فعندما أقول (كانت الغيوم ...لتمطر هذا اليوم ) ففعل الكون يجسد الغيوم ( الكيان ) بحال معينة ، ثم لام التعليل يربط بين فعل الإمطار وبين حال الكيان (الغيوم) فهكذا تصبح العلة للحال التي يتجسد عليها الكيان في كينونته . وهكذا ،فليست علة وجود المرأة وجودا مطلقا هي ( لشرب الشاي )، بل العلة لكون المرأة موجودة على حال معينة مهيأة لشرب الشاي . ولا داعي لأن نقول لشرب الشاي فقط لأننا إنما نعلل حالاً معينة من الكينونة وليس الكينونة كلها .

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطوان عويضة مشاهدة المشاركة
لو قلت: كان حضوري لأسمع الدرس، كان الكلام سائغا، لأن علة حضوري سماع الدرس، وهي علة مناسبة لحدث الحضور. وساغ أيضا تحويل المصدر المؤول إلى مصدر صريح (الذي هو علة الحدث المسبوق بلام التعليل)، فأقول : كان حضوري لسماع الدرس.
ولو قلت: كنت لأسمع الدرس، كان البناء صحيحا - بغض النظر عن المعنى-، وكان المعنى غير سائغ، لأنني جعلت سماع الدرس علة وجودي في الكون، وهي علة غير صحيحة وغير مناسبة للحدث،ولا يسوغ أيضا جعل المصدر المؤول صريحا بعد لام التعليل، فأقول: كنت لسماع الدرس، ولن يفطن السامع لمرادي، لعدم وجود القرينة على هذا المراد. وكذلك لو قلت عن المرأة (شريبة الشاي) : كانت لشرب الشاي.
............................................

فماذا لوقلت : كنت لأسمع الدرس وأنا أقصد من (كنت ) كوني متفرغة لسماع الدرس لشدة اهتمامي به ؟ فأنا أعلل سماعي للدرس بكوني على حال معينة (الاهتمام ).هل ثمة ما يمنعني من ذلك؟

اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عطوان عويضة مشاهدة المشاركة
الخلاصة:
التركيب صحيح، والمعنى المناسب مع التركيب الصحيح معا هما اللذان يجعلان الكلام فصيحا.
قد يسوغ هذا التركيب مع اتساع الفجوة بين الحدث وعلة حدوثه إذا دل على المراد دليل من قرينة حالية يدركها المتلقي وتسوغ فيها المبالغة، كأن يقول رجل لامرأة يحبها - مثلا - كنتُ لأحبك، أو كنتِ لتسعديني ... ونحو ذلك مما تجوز فيه المبالغة ومخاطبة العاطفة لا العقل...
التوصية:
تجنب مثل هذا التركيب إلا ما كان معناه قريبا لا يحتاج كد ذهن
ومن أقوالهم :
هذا رأي لا حكم، مصحوبا بكل تقدير واحترام للمستشيرين.

وجهة نظري:
أرى أن التركيب اللغوي الذي يرد فيه لام الجحود يمثل الصيغة المنفية من هذا التركيب الذي استخدمه ،
فإذا قلتَ : ما كنتُ لأشربَ الشاي.. فأنت تعلل النفي أي كونك على حال عدم شرب الشاي .
وإذا قلتُ : كنتُ لأشربَ الشاي .. فأنا أعلل الإيجاب أي كوني على حال قبول شرب الشاي . فما الفرق بين الحالتين ولماذا يجوز التعليل في حال النفي ولا يجوز في حال الإيجاب ؟
إنني لا أستطيع أن أتصور أن تراكيب اللغة العربية قادرة على تعليل النفي في تركيب لام الجحود وعاجزة عن تعليل الإيجاب في التركيب الذي أستخدمه .

كل التقدير