الرياضيات وعلوم اللسان


~~الرياضيات وعلوم اللسان 1. إن اللسانيات مثل باقي العلوم الإنسانية تطمح أن تصبح في يوم ما علما دقيقا. والعلم الدقيق الأمثل هو علم الرياضيات الذي لا يخضع الآن إلا لقواعد منطقية غير آبه بالواقع الذي كان يصفه زمان نشأته. 2. هذا الطموح للسانيات آت من كون أبواب عدة من علوم اللغة بلغت منذ القدم أشواطا كبيرة من التجريد وذلك في ميادين النحو والصرف والصوتيات. 3. لا غرابة إذن أن يهتم الرياضيون بعلوم اللغة، ولا غرابة أن تنشأ مادة جديدة عرفت بـ "اللسانيات الرياضية" اهتمت أساسًا بالنحو وطرق بناء نماذج لوصف اللغة وتحديد السلاسل الكلامية التي ينتجها الناطقون لهذه اللغة. 4. في زمان غير بعيد، اهتمت بعض المدارس بهذه اللسانيات الرياضية وأنشأت نماذج شكلية يكون الغرض منها تحديد السلاسل المقبولة وبناها التي هي نظريًا غير منتهية. 5. ومن جهة أخرى فإن بروز الإعلام الآلي وضع الباحثين من لغويين وإعلاميين في حاجة إلى أدوات في ميداني: الذكاء الاصطناعي والترجمة الآلية. 6. بعد بضع سنوات من البحث في ميداني الترجمة الآلية والذكاء الاصطناعي تبين أن اللغة لا تقبل الترييض ( mathématisation) بسهولة وأن قضايا إخضاع أبواب منها إلى نماذج صورية عويصة جداً إذا لم تكن مستحيلة. 7. ولكن هذه التجربة في ترويض اللغة قابلتها تجربة معاكسة آتية من اعتبار السيميائيين الرياضيات كلغة أو كنظام تواصل خاص يمكن دراسته بواسطة الأدوات اللغوية. 8. من الناحية التعليمية، فإن قضية الاستفادة من الأدوات الرياضية في الممارسة اللغوية مطروحة. 9. في هذه الحالة ماهي هذه الأدوات التي يكون اللغوي في حاجة لها لممارساته ممارسة أعمق وأفيد؟ في الرياضيات مفاهيم مضبوطة مثل العلاقات والبنى التركيبة مثل الزمرة وهي مستعملة بصفة ضمنية من طرف اللغويين وهي في رأينا لازمة لتوضيح الكثير من الأبواب والأفكار التي مازالت ضبابية ومتناقضة عند الكثير من المنظرين