فاتني أن أتوقف فيما ذكرته عن أبي النواس وأدونيس أن المعاصرة بين الشاعر والقارئ أمر ذو أهمية في تشكيل الانطباع السلبي .
إن جزءا من الانطباع المتشكل عندي إثر قراءتي لشعر أبي نواس سيكون صدى للقراءة التاريخية التي أستطيع فيها أن أحدد مقدار الخطر الذي ألحقه هذا الشاعر بالمعتقدات التي أعتنقها والتي أدافع عنها ، وبسبب بعد الفترة التاريخية التي عاش فيها فإن خشيتي من تعاظم تأثير وخطره أمر مهمل نفسيا ولن يدفعني لمحاولة مقاومة تأثيره أو محاربته ، فلهذا فإن حدة الغيظ منه ستكون أقل مما لو كان الشاعر معاصرا وحيا ومستمرا في الانتقاص من عقائدي كما هو الحال مع أدونيس . وهكذا فإن الانطباع السلبي لن يكون واضحا مع قراءة النص القديم كما هو مع قراءة النص المعاصر .
أما عن حسان بن ثابت فإن تراجع الشاعرية عنده في الإسلام عما كانت عليه في الجاهلية ، فتلك ظاهرة عامة لاحظها النقاد عند شعراء صدر الإسلام وما تلاه ،وقد فسرها بعضهم بسبب تقييد الشعراء أشعارهم بضوابط العقيدة والشريعة الإسلاميتين واللتين كانتا في أوج تحكمهما في شخصية الإنسان المسلم في ذلك العصر ،ومن الطبيعي أنه كلما تدخل العقل في ضبط الكلام ضبطا شرعيا فإن الانفصال عن الواقع والتحليق بالخيال سيضعفان أكثر، وهل تتألق الشاعرية إلا بالخيال ؟
المفضلات