[OVERLINE]ما كتب بالأزرق فيما يلي هو قول أستاذي سعيد [/OVERLINE]

أخي وأستاذي الكريم سعيد معتوق

لن أركز في تعليقي على الأسلوب الرقمي وما ذكرته منه فسيكون ميسرا، كما سأتجنب الإشارة مباشرة إلى ما لا يعرفه من مضمونه إلا دارسوه.

كم أثارت إعجابي دقة ملاحظتك، ولو أنها اقترنت بالوعي على معنى المنهج عند الخليل لتطابقت تماما مع العروض الرقمي.

كيف ؟

المادة مهمة جدا، ومن قال بذلك أصاب، ولكن من قال بأنها كل شيء فقد جانب الصواب.
توجهك سليم، ولكن تجاوز الحد فيه أخل به.

تناولت في مقالتك في ( بحر المخلع ) التفعيلة الثالثة فقط ، و لم تتناول التفعيلة الأولى و الثانية ،
افتراض أن المخلع بحر قائم بذاته يأخذ به غير عروضي عربي. وذلك ناتج عن عدم الوعي على منهج الخليل الممثل للذائقة العربية.


تكامل واطراد انسجام توصيف الخليل للذائقة العربية يجعل إدخال بحر جديد أو صياغة جديدة للتفاعيل أو تعديل تفعيلة نوعا من التعديل في الذائقة العربية وهو بطبيعة الحال يطيح بكامل منهج الخليل
ومن ذلك أي تركيب يرد فيه تجاور وتدين أصليين ....مستف(علن فعو) لن .... هذه إذا اعتبرتها وتدين أصليين تحطم العروض، وإذا رددت فعولن إلى متفعل استقامت على درب مجزوء البسيط.
أكثر المستشرقين يفترضون أن العروض العربي علم متسق القواعد وافترضوا النبر أداة التقعيد له فضلوا.

أكثر العروضيين العرب يفترضون بلسان المقال أو لسان الحال أن العروض العربي ليس علما بل هو قطع منبتة من التفاعيل .

https://sites.google.com/site/alarood/laysa-elman

فهل يلام المستشرقون ؟

و كنت في كتابي ( الطريقة الجديدة في فهم وزن القصيدة ) قد وضحت بأن التفعيلة الأولى في بحر البسيط :
( مستفعلن /○/○//○ ) أو ( متفعلن //○//○ ) ، أما في بحر المخلع فهي : ( مستفعلن /○/○//○ ) أو
( متفعلن //○//○ ) أو ( مفتعلن /○///○ ) ، أي ان التفعيلة الأولى في البسيط ليست كما هي في المخلع


مستعلن أو مفتعلن ثقيلة في البسيط كما في مخلع البسيط سواء بسواء. والرقمي يفسر ذلك بالوقع الخببي على جرعتين
دنيا .. مستعلن فاعلن ، وعليا .. مستعلن فعلُن .

القول بثقلها شيء ونفي ورودها شيء آخر.

يؤيد ثقلها قول د. إبراهيم أنيس ( موسيقى الشعر – ص 75 ) حين بقول عن البيت الثاني :

فَـاِزجُـر حِـمـارَكَ لا يَـرتَـع بِرَوضَتِنا ...... إِذاً يُـرَدُّ وَقَـيـدُ العَـيرِ مَكروبُ
وَلا يَــكــونَــن كَــمُـجـرى داحِـسٍ لَكُـم ...... (فـي غَـطَفانَ) غَداةَ الشِعبِ عُرقوبُ
إِن يَـدعُ زَيـدٌ بَـنـي ذُهـلٍ لِمَـغـضَـبَةٍ ...... نَـغـضَب لِزُرعَةَ إِنَّ القَبصَ مَحسوبُ

"لا نكاد نصل إلى كلمة (غطفان) في البيت الرابع حتى نشعر باضطراب في موسيقى الشعر غير مألوف ولا مستساغ لدى كل من تعودت أذنه سماع الشعر العربي وإنشاده "

ولكن الصواب أن يقال أيضا إن هذا الزحاف يرد في العصور القديمة أكثر مما يرد الآن، ولعل ذلك راجع لإلى تطور الذائقة أو اختلاف الإنشاد، ولا يمكن في حال من الأحوال اعتبار البيت مكسورا.

يكثر هذا الزحاف في شعر الأخطل من العصر الأموي :

غَـرّاءُ فَـرعـاءُ مَـصـقـولٌ عَوارِضُها .... كَـأَنَّهـا أَحـوَرُ العَـيـنَـيـنِ مَـكحولُ
أَخـرَقَـهُ وَهـوَ فـي أَكـنـافِ سِـدرَتِـهِ .... يَـومـٌ تُـضَـرِّمُـهُ الجَـوزاءُ مَـشـمولُ
**
أَقـفَـرَتِ البُـلخ مِـن عَيلانَ فَالرُحَبُ .... فَـالمَـحـلَبِـيّـاتُ فَـالخـابـورُ فَـالشُـعَبُ
فَـأَصـبَـحـوا لا يُـرى إِلّا مَـنازِلُهُم .... كَــأَنَّهــُم مِــن بَــقــايـا أُمَّةـٍ ذَهَـبـوا
**
حَتّى إِذا اِنجابَ عَنهُ اللَيلُ وَاِنكَشَفَت .... سَــمــاؤُهُ عَـن أَديـمٍ مُـصـحِـرٍ عـاري
آنَــسَ صَــوتَ قَــنــيــصٍ أَو أَحَــسَّ بِــهِــم .... كَـالجِـنِّ يَـهـفـونَ مِـن جَرمٍ وَأَنمارِ
**
يُـروي العِـطـاشَ لَهـا عَـذبـٌ مُـقَـبَّلُهُ .... إِذا العِـطـاشُ عَـلى أَمـثـالِهِ كَـرَعوا
زَوجَـــةُ أَشـــمَــطَ مَــرهــوبٍ بَــوادِرُهُــ .... قَـد كـانَ في رَأسِهِ التَخويصُ وَالنَزَعُ
**
وَمـا غُـدانَـةُ فـي شَـيـءٍ مَـكـانَهُمُ .... أَلحـابِـسو الشاءِ حَتّى تَفضُلَ السُؤَرُ
يَـــتَّصـــِلونَ بِـــيَـــربــوعٍ وَرِفــدُهُــمُــ .... عِـنـدَ التَـرافُـدِ مَغمورٌ وَمُحتَقَرُ

، و التفعيلة الثانية في البسيط ( فاعلن /○//○ ) تجوز ( فعلن ///○ ) ، و لكنها في المخلع لا تجوز
( فعلن ///○ ) ويجب أن تأتي كاملة بدون نقص أي حرف من حروفها .


أكاد أتفق معك مع عدم الجزم.
مجيء فاعلن في مخلع البسيط عل فعِلن يجعله مطابقا لعجز مجزوء الكامل المرفل

مس تف علن ف علن فعو لن = متْ فا علن مُ تفا علا تن
2 2 3 1 3 3 2 = 2 2 3 1 3 3 2

ولي حوله بحث في كتابي بإذن الله.
لكن الجزم بنفي ذلك لا يصح. وثمة شواهد أوردها أستاذي د. خلوف سأبحث عنها.


أما عن الخليل بن أحمد الفراهيدي فهو كما تعلم من القرن الثاني الهجري ، فكيف نصدق رواية عن أقواله إلا
من خلال الشعراء ذوي الخبرة ؟ هل من المعقول أن نعتمد على من يسمون أنفسهم علماء عروض في
الوصول إلى أفكار الخليل بن أحمد الذي مات منذ اكثر من ألف و مئتي سنة ؟ نقرأ فيما يسمى بـ
( علم العروض ) : في بحر البسيط يجوز الخبل في التفعيلة الثالثة ( الخبل هو حذف الحرفين الثاني و الرابع
الساكنين ) أي ان ( مستفعلن /○/○//○ ) تجوز ( متعلن ////○ ) ! هذا ما يقوله الزمخشري و ابن جني
و التبريزي و غيرهم ممن يسمون أنفسهم علماء عروض ، و لكن أي شاعر متمرس لا يتقبل كلامهم .


هنا نهج خطير أستاذي الكريم.
تراث الأمة كله وليس العروض وحده سيختل إذا أخذنا برأيك هذا

أما عن الأبيات المنسوبة لامرىء القيس فما أدرانا بصحتها و هل قالها امرىء القيس بالفعل ؟ و هل يكذب ابن
سلام في كتابه ( طبقات الشعراء ) عندما يشكك بصحة الروايات عن الشعر الجاهلي ؟ و هل كان أبو عمرو
بن العلاء مخطئا عندما لم يؤيد قصيدة منسوبة إلى ذي الإصبع العدواني و صحح منها ثلاثة أبيات فقط ؟


لا شك أن في الشعر الجاهلي منحولا وخطأ في الرواية ولكن ذلك لا يؤثر على صحته في مجمله. بل لعل المنحول يكون اشد التزاما بخصائص الشعر الجاهلي لحرص الناحل على التمويه
التشكيك في الشعر الجاهلي يقول به بعض المستشرقين وبعض تلاميذهم للطعن في القرآن الكريم

تحياتي لك
سعيد معتوق


حفظك ربي ورعاك وأدعوك إلى دراسة الرقمي للفكر والتعرف على منهجية الخليل قبل الشعر. وبما حباك الله من دقة ملاحظة وملكة شعرية فستثري الأدب و(علم العروض) والفكر عامة.