إذا حانَ الربيعُ وراحَ زهــــرٌ
يفتّقهُ النـــَّـــدى حُلـــلَ المــغـاني

وداعــبهَ النسيمُ وماسَ زهواً
ونشّــر من شــــذاهُ بكِــــلِّ دانِي

فثمَّ هناكَ قد طابتْ دمـــوعٌ
تُرقــــرقُ وهـــي ريّــقةُ المــعاني

ومن ليْ أنْ اصوغَ الحُبَّ شِعراً
لقدْ عجـــزَ البيـانُ عن البـــيانِ

مُعذّبتي وفي عَينيكِ إســـمي
وعُنــــواني وميـــــــلادُ الزمــانِ

خُذيني مثلَ عصفورٍ كسيرٍ
تهدّم عشُّهُ وغدا يعاني

خذيني ومضةً كالبرقِ تسري
ورعد مواجعي أوهى كياني

خذيني كالرياح جرت تغنّي
مع الأغصانِ يا كُلَّ الأغاني

خذيني كالعيونِ بكت حبيبا
خذيني كالحبيب إذا أتاني

خذيني كالخيالِ أزارَ شِعـري
وضميني إلى تلك المعاني

خذيني ضحكةً في ثغرِ طفلِ
بدت في عينهِ أنثى الحنانِ

خذيني وردةً رسمت بخدٍّ
خذيني أحمر الألوانِ قان

خذيني كلما خِفتِ اشتياقا
يصدِّعُ نابضاً بالحبِّ عانِ

خذيني ألفَ ألفِ نعم خذيني
نصلي للهوى فالعمر فانِ

خذيني واجعلي جسدي لهيباً
سألقى البردَ في نار افتتانِي

فقبلَ لقاكِ لم يــكُ لي بلادٌ
أتيــهُ هـــوىً ولا أدريِ مكــاني

تعالى الحــــبُّ يا أملي تعالى
نـــذوقُ منــاهُ أو تفـنى الأمـاني

تعالى الحبُّ عن خطراتِ سوءٍ
وعن ظلمٍ وعن هَجْــرِ الغواني

تعـــالي أخــبرُ العشّـاقَ بعضاً
وأخفي عنهمُ ما قد براني

فعن دمعي وعن ليلي وعني
وعن قمــري وعن نَجــمٍ يَماني

فهل في الحب أن أحيا شريدا
بلا وطن يضم ثرى جناني

حنانَ َ اللهِ ما مُــسَّتْ بعشقٍ
شِغـافُ فــؤادِها وبــها رمـاني

مُعلّلتي بماءِ الوصلِ مهلاً
إذا ما مِـــتُّ ضمـــآنَ الجَنــانِ

فلا برحتْ بوادي النـَّــاسِ قَفْراً
ولا سُقيــــــتْ بِمُنْــهلِّ الحَواني

"يقولُ الناسُ إنّك خُنـــتِ عَهدي"
وما أنا بالمصــــدِّقِ ما دَهاني

لأنّك زهــــرةُ الأيّــامِ عمــري
على ألمي الذي منه أعاني

فما قُطفـــــتْ بكفٍّ غيرِ كفّي
ولا سُقيـــتْ بغيــرِ ندى حَنـــَاني

وأكتـبُ فيكِ من شعري وأبكي
وأضـــحكُ ربما ضَـحِكي كَـفاني

وأعلم أنّكِ الدنـــــــيا تراءتْ
لمقـــلةِ عاشـــــقٍ في كــلِّ آنِ

فما قبلَ اللــــقاءِ سواكِ شيءٌ
ولا بعـــدَ اللقــاءِ ســـواكِ ثان

تعالي وانظري حالي وجسمي
تعالي واسألـــــي عني زمــاني

وربِّـــك لم أذقْ يوماً مناماً
ولا برحتْ طيوفكِ عن عيـــاني

ولا كتبـــتْ لغيركِ بيتَ شـعرٍ
قرائحُ شاعــرٍ خضلِ المَـــحـاني

فآهٍ كلَّما لمـــــــعتْ بــــروقٌ
وآهٍ كلّــــــما عَزفـــــــتْ أغــاني

وآهٍ كلَّـــما قـــالوا جريـــــــحٌ
وآهٍ كلما قالوا يعاني

أقتّلُ في الهـوى من غير شيءٍ
ولا رحما لديــكِ ولا تـَــداني

كأني لم أكن يوماً حبيباً
ولا مرت بنا تلك الثواني

ولم أصبغ خدودكِ من شفاهي
ولا النهد المكوّمُ قد لواني

ولا الخصلات قد حلت فراحت
على الكفين منها عقدتانِ

ولا ذقت المعتق من شفاهٍ
ولا مر اللسانُ على اللسانِ

ولا عيناكِ قد بعثت بريداً
فقاد مقادتي وثنى عناني

ولا خطوٌ تداني أو تلاقت
مع الخصر المهفهف لي يدانِ

ولا الجسدانِ قد ضما لبعضٍ
كغصني بانةٍ أو أقحوانِ

ولا خداً مزجت بدمع عيني
ولا عتبى بها متشاكيانِ

ولا حرفٌ خلطت ببعضِ عطريٍ
إذا حل المسا متهاديانِ

ولا كاثنينِ قد خافا بعاداً
فراحا عنده يتباكيانِ

ولا يوماً تعانقنا وذبنا
وعنفنا التهاجر بالتداني

ولا سرنا الطريق وفي يدينا
من الأزهارِ ورديٌ وقاني

ولا زرنا المتاحف في بلادٍ
وكفّانا ضحى متشابكانِ

معذبتي وفي عينيكِ موجٌ
إلى شطآنها يا ما زواني

أريدُ هـــوىً يذوب القلبُ منه
وتنهـلُّ المـــــدامعُ مــــنْ رَوان

أريدُ هواكِ أصــــغي لا تقولي
نعمْ أو لاء قبـــلَ رؤى العيـــانِ

سأرسمُ من معاني الحبِّ فنَّاً
بريشــةِ شاعــــــــــــرٍ ألفـــــتْ بَنانِي

بألوانِ الســـــــماءِ أصوغُ حباً
وأهرِقُ بينـها سِرّ افْتــــــــتانِ

أنا الرســـامُ هاكِ اليومَ شعري
كَعقدِ الــدرِّ منــــتظمِ الجُــــمانِ

ويشجي سامعــيهِ بغيرِ لحنٍ
فكيفَ بصــــوتِ معزوفِ الكَمانِ



وأرحب بكل تعليق ونقد من الإخوة والأخوات