نقوش من ذاكرة المتنبي



أيها الماشي ولا أينَ تلوحُ
ومدى العمرِ جروحٌ وجروحُ

قلقٌ ترمي به الريحِ بعيداً
في بلاد الله يحدوه الطموحُ

صحب السيفَ رفيقاً فتثنى
فوق حد السيفِ قد كان الذبيحُ

رحلةٌ للبحث ما كان اعتباطا
أن يقضَّ الكونَ أحياناً لحوحُ

في خبايا النفسِ تندسُ نجومٌ
ويراها الناسُ ذراتٍ تلوحُ

ومضى نشوانَ من ذاتٍ تعالت
أن ترى يوماً على الأدنى تطيحُ

يبصر الفرصةَ من قبل أناها
فيحث العزم والمعنى لموحُ

يركب الصعب ولا يرتاح حتى
يتعبُ الصعبُ وتشتدُّ الكُدوحُ

شغل الدنيا وما زال صغيراً
في ثياب المجد يغدو ويروحُ

عاف هذي الكأسَ مذ شبَّ فما كا
نت وحاشا الله في فِيهِ تسيحُ

ونضا ثوباً لهذا العشق عنه
أترى عشقاً ولا ثم فضوحُ

خير من تسعى به الأقـــدام طراً
ذا حديث النفسِ للنفسِ يبوحُ

عاتبٌ حيناً وأحياناً ملولٌ
موجعٌ شاكٍ ورحالٌ نزوحُ

إن يقم يوماً فبعد اليومِ شيءٌ
تحملُ الأخبار عن مسراه فِيحُ

نطرق الدنيا صغارا ما عرفنا
غصة الحلق وقد كان القريحُ

بدويٌّ يتنبَّا يتعاطى
دجل السحرِ وسقَّاءٌ يميحُ

كبر القهر مع الطفلِ وشيئاً
بعد شيءٍ إستوى الحقد الصريحُ

فازدرت عيناه من لاقت جميعاً
إن بعض الكبر للنفس مريحُ

فجزى الدنيا على سوء بسوءٍ
فاستوى الفعلان ما ثمَّ قبيحُ

أيها الممتدُّ من ليل الحكايا
يا هزار الوقتِ ذيّاك الصَدُوحُ

شاعر الفصحى بلا أدنى خلافٍ
لم تزل ذكرى سيحيها الفصيحُ

أيها المغمض ملءَ الجفن نوماً
وضجيج الخلقِ لا لا يستريحُ

كيف هذا النظمُ من أحيا القوافي
أتراه اليومَ في الشعرِ المسيحُ

إيه يا طلاّب هذا الملك لا ينــ
ــفكُّ ما دامت بهذا الجسمِ روحُ

تطرق الأبوابَ من والٍ لوالٍ
تعقد الآمالَ والدهر شحيحُ

ما أنالوك سوى الحســرة والغيـــــــــــ
ــظِ وبعضُ الردّ يا هذا قروحُ

فأثبت القوم ما لا قطُّ يمحى
وأبحت الشعر ما لا يستبيح

تملأُ الآفاقَ هجواً وازدراءً
بعد أن ضنوا ولم يجد المديحُ

وتراءيت بكافورٍ غبــــــــــاءً
قلت يا لله ما هذي الفتوحُ

آن أن أدرك بعضاً من منى النفـــ
ـــسِ تهزَّ الحظَّ كي ينهلَّ ريحُ

لم يدر في البالِ أن العبد لاهٍ
فأطاح الحلم واندكت صروحُ

وأرى الغاياتِ لا تأتي لمن عا
ش لذي الأزمانِ نقّادٌ نطوحُ

فأجل طرفك في الناسِ رويدا
يا أبا الطيّبِ هل صحّ الصحيحُ

إنها الدنيا وما واتت ذكياً
فلها عنه انحيــازٌ وجنوحُ

خفّفَ الوطأ بأنا قد رأينا
يا أبا الطيب أملاكاً تنوحُ

عبثاً ظنوا بأن الأمر يبقى
مثل ما كان ولا ثمَّ جُموحُ

رقدة الشعب وإن طالت فيوما ً
سيقول الله للنُّوّام روحوا

3/10/2016