اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة (ثناء صالح) مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
الأستاذ الفاضل د. أحمد سالم
في بحر الخفيف اعتمدتم على صورة الوزن الذي تمت فيه مزاحفة السبب الأول من مستفعلن ( الخبن) حسب الواقع الشعري ، للوصول إلى حالة الانعكاس الثنائي 2323 - 3232 أو فاعلن فاعلن - فعولن فعولن
فهل معنى هذا أن الوزن الأصلي قبل المزاحفة يمنع الانعكاس الثنائي ؟ وماذا تستنتجون من انعدام الانعكاس الثنائي ؟؟
وعليكم السلام أستاذتنا الفاضلة أ.ثناء صالح

هذا السؤال هام للغاية وستكون الإجابة عنه مدخلنا إلى دراسة العلاقة بين الزحافات والعلل من ناحية والتكرار الثنائي والانعكاس الموسيقي والفصل الموسيقي من ناحية أخرى :

نعم عندما تأتي مستفعلن سالمة فإن التماثل حول محور الانعكاس يختل إلى حد كبير ,
وهذا ما يجعل موسيقى الوزن أقل جمالا وهو ما عبر عنه الأخفش بقوله :

(وما أرى أصل مستفعلن فيه إلا مفاعلن والسين زيادة ) ثم يعطي دليلين أحدهما يعتمد على الذائقة الموسيقية له حيث يقول : ( ويدلك على ذلك أن تمامها يقبح)

نعم إذا جاءت مستفعلن سالمة فالوزن يصبح قبيحا , والسبب بكل بساطة هو فقدان الوزن لأحد عناصر الجمال الموسيقي وهو الانعكاس الموسيقي

هل بقي للوزن نصيبا من الجمال الموسيقي ؟

نعم بقي له التكرار الثنائي للجملة الإيقاعية (فاعلاتن لن) (2 3 2 2 ) ( 2 3 2 2) لكن السبب الأخير من الجملة الموسيقية الثانية يتم حذف ساكنه الأخير وزيادة (2 2) فتتشكل فاصلة موسيقية (3 2) في نهاية الوزن .

هل للجملة الإيقاعية التي ذكرتها الآن أي وجود في أوزان أخرى ؟؟
وهذا نفس السؤال الذي سأله أستاذنا الجليل م/خشان لحازم القرطاجني عن التفعيلة (الجملة الإيقاعية) مستفعلاتن عندما قسم المنسرح إلى مستفعلاتن مستفعلن فاعلن

أقول نعم وترتبط بالجملة الإيقاعية مستفعلاتن فهي معكوسها الموسيقي كما هو حال التفاعيل الأخرى (فاعلن معكوس فعولن) (مستفعلن معكوس مفاعيلن) (متفاعلن معكوس مفاعلتن) وفاعلاتن معكوس نفسها

نقول أن التكرار الثنائي لـ مستفعلاتن مع خبن الثانية (مستعلاتن متفعلاتن) يعطينا وزن المخلع

وتطور زحافات هذا الوزن بمنع زحاف نون مستفعلاتن (منع خبن فاعلن في صيغة الخليل) يدل على تطور التفعيلة مستفعلاتن ونضجها

لكن هناك أوزان أخرى تتشكل من (مستفعلاتن) ومعكوسها (فاعلاتن لن) تحت قاعدة الانعكاس الموسيقي ( 2 2 3 2 ) ( 2 3 2 2 )

فما هي هذه الأوزان وكيف تتشكل ؟

(1) السريع فاعلن : ويتشكل بحذف ساكن السبب الأخير من نهاية الوزن وإضافة سبب خفيف ليصبح

( 2 2 3 2 ) ( 2 3 2 1 )2

(2) السريع فعلن : ويتشكل بزيادة حركة على ساكن السبب قبل الأخير ليصبح ليتحول السببين إلى فاصلة صغرى ثابتة في نهاية الوزن (ولا أعرف كيف أكتبها بالأرقام )

(3) الرجز التام : ويتشكل بزيادة الفاصلة علن (3) بعد الانعكاس ليصبح

( 2 2 3 2 ) ( 2 3 2 2 ) 3

كل الأوزان السابقة تتمتع بالنعكاس الموسيقي مع الفاصلة
السريع فعلن : فاصلته الموسيقية (فعلن) كلها من أصل الانعكاس
الرجز التام : فاصلته الموسيقية (علن) كلها زائدة بعد الانعكاس
السريع فاعلن : فاصلته الموسيقية حركتها الأولى من الانعكاس وسببا الأخير زائد بعد الانعكاس

هل يتمتع السريع فاعلن والسريع فعلن بصفات موسيقية أخرى ؟

نعم فكلاهما يمكن قراءته بالتكرار الثنائي مع الفاصلة الموسيقية إضافة إلى الانعكاس الموسيقي مع الفاصلة

السريع فاعلن ( 2 2 3 ) ( 2 2 3) + (2 3)

السريع فعلن ( 2 2 3 ) ( 2 2 3) + ( 1 3)

معنى ذلك أن كلا من الوزنين يجمع بين الميزات الموسيقية الثلاث (الانعكاس الموسيقي والتكرار الثنائي والفاصلة الموسيقية )

لكن عند دخول الزحافات عليهما هل تخلي أي منهما عن صفة الانعكاس الموسيقي واكتفى بالتكرار الثنائي مع الفاصلة مثل الخفيف عندما تأتي مستفعلن سالمة ؟؟؟

الإجابة بكل وضوح أن :

السريع فاعلن لم يتخلى عن الانعكاس الموسيقي أبدا فلم تزاحف نون مستفعلاتن وحرص الشعراء على المميزات الموسيقية الثلاث فالامتناع عن هذ الزحاف (وهو يقابل خبن مستفعلن الثانية في صيغة الخليل)

فمستفعلن الثانية لم يدخلها إلا الطي

بينما السريع فعلن دخلها الخبن لكن بنسبة أقل (حتى عده الدكتور سليمان أبو ستة من الزحافات المستثقلة) وكان الشاعر مضطرا لهذا الزحاف لأن الطي لا يدخل السريع فعلن فهو زحاف أشنع من الخبن

وهذا أحد الأسباب التي أدت لموت هذا الوزن واندثاره

هل حدث أن امتنع زحاف آخر للحفاظ على الانعكاس الموسيقي مع أن الوزن يتمتع بالتكرار الثنائي إذا دخله هذا الزحاف ؟؟؟

نعم في وزن الطويل امتنع زحاف قبض مفاعيلن في الحشو لنفس السبب

(3 2 3 2 ) ( 2 3 2 3 ) + 3

فالوزن بدون الزحاف يتبع الانعكاس الموسيقي مع الفاصلة علن , وفي نفس الوقت يمكن قراءته بالتكرار الثنائي بدون الفاصلة

( 3 2 3 2 2 ) ( 3 2 3 1 2)

ولو دخل مفاعيلن في الحشو لفقد الانعكاس الموسيقي مع الفاصلة علن ولم يبق له إلا التكرار الثنائي فقط

لذلك يمكن القول أن أي زحاف أو علة جارية مجرى الزحاف تجعل الوزن يفقد الانعكاس الموسيقي هو زحاف يهبط بموسيقى الوزن لكنه يظل محتفظا بالحد الأدنى من الجمال الموسيقي باحتفاظه بالتكرار الثنائي فقط أو بالتكرار الثنائي مع الفاصلة

ولنا مع البحر الطويل وقفة أخرى بعد أن تترسخ في أذهاننا (فقه الفاصلة الموسيقية) لتصبح مفهوما مشتركا يمكن البناء عليه

دمت أستاذتي الفاضلة في خير وسعادة