السلام عليكم استاذي خشان وضياء
...
التصريع لغة:
يقول ابن القطَّاع: واشتقاق التَّصريع مِن مصراعي الباب؛ ولذلك قيل لنِصف
البيت مِصراع، كأنَّه باب القصيدة ومدخلها، وقيل: بل هو مِن الصرعين، وهما طرَف
النهار، قال الزجَّاج: الأوَّل منهما من طلوع الشمس إلى استواء النهار،
والآخر مِن زوال الشمس من كبد السماء إلى مغيبها"[2]،
ويُضيف: "وقال قوم: مِن الصرع الذي هو الحبْل"[3].


اصطلاحًا: ما كانتِ العَروض في البيت تابعةً لضربه
وزنًا وزيادةً ونقصًا، تَزيد بزيادته، وتنقص بنقصه.
• الوزن: نحو:

أَقُولُ لَهَا وَقَدْ طَارَتْ شَعَاعًا
مِنَ الأَبْطَالِ وَيْحَكِ لَنْ تُرَاعَي

فالعَروض [ شعاعًا ] تبعت الضرْب [ تراعي ] في الوزن حيث جاءتْ على "فعولن = 3 2 " مثله.

• الزيادة نحو قول امرئ القيس:

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَعِرْفَانِ
رُسُومًا عَفَتْ آيَاتُهَا مُنْذُ أَزْمَانِ

حيث جاءت عَروض هذا البيت [ وعرفان ] فقط على "مفاعيلن = 3 2 2 "، بينما بقية عَروض القصيدة على "مفاعلن = 3 3 "؛ وذلك لمجيء الضرْب [ ذأزمان ] على "مفاعيلن= 3 2 2 " للتصريع.

• النقص: نحو قول الشاعر:

لَمَنْ طَلَلٌ أَبْصَرْتُهُ فَشَجَانِي
كَخَطِّ زَبُورٍ فِي عَسِيبِ يَمَانِي

الضرب "يماني" على فعولن= 3 2 ، والعَروض أيضًا "شجاني" على فعولن = 3 2 ، حيث جاءتِ العَروض ناقصة بدلاً مِن "مفاعلن = 3 3 " للتصريع، والقصيدة كلها عروضها "مفاعلن 3 3 ".
....
....
التقفية:
لغة واصطلاحًا:
التقفية، هي أن يتساوَى الجزءان من غير نقْص ولا زيادة
"حيث" لا تتبع العَروض الضرب في شيء، إلا في السجع خاصَّة.

بمعنى أنَّك تجد الضَّرْب والعَروض في سائر القصيدة على وزن واحِد
كالبيت الأول المصرَّع، ولا خلاف في أيِّ جزء من أجزائها
ولا يجمع بين الضرب والعَروض في أول بيت إلاَّ التقفية نحو قول امرئ القيس:

قِفَا نَبْكِ مِنْ ذِكْرَى حَبِيبٍ وَمَنْزِلٍ
بِسِقْطِ اللِّوَى بَيْنَ الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ

وهذا البيت من الطويل:
والضرب "فحوملي" على "مفاعلن"، والعَروض "ومنـزلي" على مفاعلن
أيضًا، وسائر القصيدة ضروبها وعروضها على "مفاعلن" حيث من أبياتها قوله:

مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقْبِلٍ مُدْبِرٍ مَعًا
كَجُلْمُودِ صَخْرٍ حَطَّهُ السَّيْلِ مِنْ عَلِ

فالضرب فيه "لمن علِي" على "مفاعلن"، والعَروض "برن معن" على "مفاعلن" أيضًا.

ومثله قول النابغة:

مِنْ آلِ مَيَّةَ رَائِحٌ أَوْ مُغْتَدِي
عَجْلاَنَ ذَا زَادٍ وَغَيْرَ مُزَوَّدِ

فهذا البيت من بحر الكامل ضربه "رمزوودي" على "متفاعلن"،
وعَروضه أو مغتدِي على متفاعلن - أيضًا -
وسائر القصيدة ضَرْبها وعَروضها هكذا.

وسبب التصريع "مسايرة" الشاعِر للقافية "ليعلم مِن أوَّل وهْلة أنَّه - أي الشاعِر - أخذ
في كلام موزون؛ لذلك وقَع في أوَّل الشِّعر - القصيدة.

يقول ابن القطاع: "وقيل ليعلم في أيِّ ضرْب يصنع فيه"[4].

وقد يصرِّع الشَّاعِر في غير أوَّل القصيدة، وخصوصًا في القصائد الطوال، التي تحتوي على موضوعات متعدِّدة، حيث يصرِّع عند بداية كل موضوع، تنبيهًا على انتقاله مِن موضوع إلى آخَر.

يقول ابن القطاع: "ربما صرَّع الشاعر في غير الابتداء؛ وذلك إذا خرَج من قصة إلى قصة، ومِن وصْف شيءٍ إلى وصف شيءٍ آخَر، فيأتي حينئذٍ بالتصريع، إخبارًا بذلك وتنبيهًا عليه"[5].

ولقدِ اهتمَّ الشُّعراء العرب بالتصريع، واحتفلوا به كثيرًا، حتى إنَّك تجد الشاعر منهم قد يصرِّع في غير موضع تصريع، وهو دليلٌ على قوَّة الطبع، ووفرة المادَّة، إلا أنَّه إذا كثر في قصيدة دلَّ على التكلف، وكان ممقوتًا، إلا في المتقدمين[6].

وهناك مِن الشعراء مَن لا يهتمُّ بالتصريع في أوَّل القصيدة، لقلَّة اكتراثه به، أو اهتمامه بذلك، ثم تَراه يرِد عنده التصريع بعد ذلك داخل القصيدة.

إلا أنَّ العرَب - كما يقول ابن القطَّاع - جعلوا التصريعَ في مهمَّات القصائد وما يتأهَّبون له من الشِّعر، فدلَّ ذلك على فضْل التصريع - ولذلك قال أبو تمام:
وَنَقْفُوا إِلَى الجَدْوَى بِجَدْوَى وَإِنَّمَا
يَرُوقُكَ بَيْتُ الشِّعْرِ حَيْثُ يُصَرَّعُ

واعلم أنَّ التصريع يقَع فيه مِن الإقواء والإكفاء، والإيطاء والسناد، والتضمين والإجارة - وكل عيوب الشِّعر - ما يقَع في القافية.

....
منقول بتصرف وتعديل في التصريع
رابط الموضوع
http://www.alukah.net/literature_language/0/42101/
حفظكما الله ورعاكما