الحمد لله على سلامتك أستاذتي.
لم يبلغ اختلافي مع أستاذي ضياء الجبالي مبلغ اختلافي وإياك وانظري كيف اختلفت النتيجة في الحالين.
الفارق بينهما هو الفارق بين الذاتية والموضوعية. وهذا باب أكده لدينا وعينا على منهج الخليل.
في ربطه بين شخصه الكريم وبين تسكين عين (فعِلُن) في حشو البسيط صار يدافع عن ذاته. ويعتبر تقديم
ما ينفي ذلك من أسس منهج الخليل إساءة لشخصه. في حين أن الرقمي صيغ من مجدولة من ضفائر الصواب
الذي جاء أقله صحيحا من البداية وجُلّه نتيجة تصحيح أخطاء في استقراء منهج الخليل وتلك طبيعة أي منهج علمي.
نعلم الآن تفرد الخليل وجلال قدر فكره في إنجاز علم العروض مرة واحدة على وجه كامل. والكمال لا يكون أبدا في
من يطرح معالجات جزئية مبتوتة عن المنهج. ونعلم مسؤوليتنا في الدعوة إلى منهجه فيما هو متاح لنا
الحديث فيه من علم العروض فلعل وعسى من سلك هذا في العروض يطبقه في سواه من المصيري الأهم.
ومن لم يكن يدرك المنهج ودوره فإن عدم خلطه بين الذاتي والموضوعي يكون أكثر صعوبة. وهذا ما يجعلني
أفدر باحترام موقف بعض العروضين الذين لم يسيئوا شخصيا. وإن أغلقوا الباب بوجه الرقمي.
كما يكشف لي ذلك سلاسة الحوار مع المناقضين فكريا بشكل مطلق لنا كالملحدين لوجود منهج ولو خاطئ
لديهم، يمنع تحول الخلاف إلى شخصي. وتعثره وتحوله إإلى شخصي مع سواهم ممن لا يصل الاختلاف
معهم إلى التناقض المطلق. لقد وفقني الله إلى هداية بعض الملاحدة. في حين أنني لا أذكر حالة واحدة
استطعت أن أغير فيها من قناعة أحد من ذوي كوكتيل الثوابت المتدحرجة. وإن غياب المنهجية لدى كثيرين
ممن لا يشك بإخلاصهم هي مبعث إساءة استخدام ما لديهم من قناعات صائبة استغلالا سلبيا. وقد علّمنا
هذا المنهجَ ربنا سبحانه تعالى في آية المنهجية "أخلقوا من غير شيء أم هم الخالقون " ورسول الله عليه
السلام في تشجيعه صحابته على ذلك حتى سألوه :" من عندك أم عند الله " فأجاب ولم يغضب. أذكر هذا
في معرض ما تعرض له الرقمي من اتهامات أدت إلى غلقه في غير منتدى .
ولكن هنا جانبا يقدر لأستاذي ضياء الجبالي وهو أن إقذاعه في الهجاء بقي محصورا في إطار مواضيع
اللغة والعروض والنحو والشعر . ولم يشتمني شخصيا كما فعل أحدهم ذات مرة.
لكل هذا أقول إن نجاح الرقمي لا يقاس بعدد دارسيه بل بنجاحه في تبصير - ولو الندرة منهم - بهذا البعد.
حفظك ربي ورعاك.
المفضلات