ضربان توقفا عن الاستعمال
ضربان توقفا عن الاستعمال في الشعر الجاهلي ولم يعودا بعد ذلك حتى اليوم، أولهما رابع السريع، وثانيهما رابع الكامل وخامسه المقيدان. ورابع السريع هذا لا بد أن يكون مقيدا، فلا وجود له في الشعر الجاهلي ما لم يكن مقيدا.
أولا: رابع السريع، للأعشى:
أقصر فكل طالب سيملْ || إن لم يكن على الحبيب عولْ (فعلن)
فهو يقـــــول للسـفيه إذا || آمــــره في بعض مــــا يفعلْ (فعْلن)
ثانيا: رابع الكامل، لعدي بن زيد:
من آل ليلى دمنة وطللْ || قد أقفرت فيها النعام زجلْ (علن)
ولقد غدوت بسابح مرح || ومعي شباب كلهم أخيلْ (فعْلن)
كلا الضربين توقف عن الاستعمال في العصر الجاهلي كما ذكرنا، الأول بعد عدد قليل من القصائد على نفس الضرب، والثاني بعد قصيدة واحدة لا غير. وسبب التوقف مجهول، لم يعرف لحد الآن. ولو قيل لنا إنه بسبب الجمع بين نوعين من القافية هما المتواتر والمتراكب، قلنا وما العيب في ذلك ما دامت القافية المقيدة تسمح بتقارض هذين الضربين. والتعريف التالي للقافية يبيح ذلك أيضا، وهو يقول:
"القافية تحديدا هي صوت الروي وما قد يليه من أصوات، مع نوع الصوت الذي يسبقه، ولنسمه – توسعا في المصطلح – الردف. وهذا الردف، إذا كان حركة قصيرة، وكان ثاني صوت يسبقه ألف مد، التزم هذان التزم هذان الصوتان بعينهما، وليس بنوعهما فقط، وتسمى هذه الألف ألف التأسيس.""
فكما ترى، القافية في الضروب الأربعة السابقة هي: اللام والفتحة التي تسبقها، ولا مانع من أن تكون هذه كسرة أو ضمة لأن الحركات لها نوع واحد، هو الحركة لا غير.
ولو بنيت قافية هذا الضرب على الإطلاق، لخرج لنا ضربان لا يتقارضان، الأول استعمله عبد الرحمن شكري في قوله:
أمنية صارت له أملا || وألسن قد هجنه عذَلا
وأعين أزرى بها سهَدٌ || فأرسلت من دمعها هطلا
س س و[س][س] و<س> و || س س و[س][س] و<س>و
والضرب الثاني نحو قول سعيد عقل:
يا نسَما مرّ على شعَري || فهدّني بعضا على بعضِ
وقال أنْ في الأرض لي سفر || كيف وبي قد سافرت أرضي
س س و[س][س] و<س> و || س س و[س][س] و[س][و]
وإذا كان رابع السريع قد توقف عن الاستعمال منذ العصر الجاهلي كما رأينا فإن رابع الكامل ظل مستمرا في النظم عليه ولحد الآن دون توقف، كل ما في الأمر هو أنه كف عن استعمال الضرب المقيد. وقد رأينا كيف تعلم رابع السريع الدرس من رابع الكامل، ولكن بعد مضي قرون طوال على يدي الشاعرين عبد الرحمن شكري وسعيد عقل.