التغيير الكبير والعروض الرقمي
إن الآفاق الجديدة التي يتيحها الرقمي في تناوله للعروض تفرض أحيانا استعمال ألفاظ جديدة للتعبير عن منجزات الرقمي في هذه الآفاق.
وسأقدم هنا مثالا على ما أسميته التغيير الكبير الذي لم يطرح من قبل، والمقصود به تغير يشمل مقاطع متعددة عابرة للحدود الاصطلاحية للتفاعيل. وهو تغير مخرج من البحر لكنه غير مخرج من الشعر. وسأمزج هنا بين الأرقام والتفاعيل لأبين التيسير الذي تتيحه الأرقام في تناول هذا الأمر
وسأشرح توصلي إلى ذلك باستعراض تفكيري بصوت عال، فبداية تفكيري في هذا الموضوع كانت في المقارنة بين بحري الكامل والبسيط بدلالة التفاعيل
فالوزن التالي 4 3 1 3 4 3 2 2
من البسيط = 4 3 – 1 3 – 4 3 –2 2 = مستفعلن فعلن مستفعلن فعْلن
ويتم التعبير عن تمثيله لوزن الكامل بدلالة ما لتعابير البسيط على النحو التالي
4 3 – 1 3 – 3 11 – 2 2 = مستفعلن فعِلُن متفْعلُ – فعْلنْ
أو
4 3 – 1 3 3 – 11 22 = متْفاعلن متَفاعلن متَفاعلْ
لنقارن هذه الصورة من الكامل بنظيرتها من البسيط قبل مزاحفته
البسيط = 2 2 3 2 3 2 2 3 2 2
الكامل = 2 2 3 1 3 1 2 11 2 2
حل التغير في بعض مقاطع التركيب ( التركيب مجموعة مقاطع عابرة لحدود التفاعيل ) 2 3 2 2 3 = فاعلن مستفعلن ) إلى ( 1 3 3 1 1 = فعِلُن متفعلُ بتعبير البسيط أو متفاعلُن مُتَ بتعبير الكامل )
وهذا التغيير يخرج البيت من بحر البسيط إلى بحر الكامل. وبعبارة أخرى هو يخرج من البحر ولا يخرج من الشعر.
هل هذه حالة متفردة بين البسيط والكامل ؟ أم لها تطبيقات أخرى
قد يقول قائل هذا مستحيل لأن ( فاعلن مستفعلن ) موضع التغيير لا توجد في غير البسيط، وهذا متوقع ممن قامت حدود التفاعيل في ذهنه كحقيقة ثابتة تتخطى كونها حدودا اصطلاحية استنسابية فتحولت من وسيلة يتوصل بها إلى وصف للوزن يقربه في الذهن إلى حقائق ذات حدود حديدية تحول دون نظرة أشمل تتخطاها أو تخترقها ( وما أشبه الحدود بالحدود )
ولتخطي هذه العقبة في ذهن من لم يألف الخروج على حدود التفاعيل يمكننا صياغة تلك القاعدة بهذا التعبير الرقمي المكتوب بالحروف
حيث يرد التركيب التالي وفي أي بحر كان (أ= سبب / ب = وتد / جـ =سبب / د=سبب -/ هـ = وتد) فإن إجراء التغيير التالي عليه ليصبح ( أ = سبب مزاحَف /ب = وتد / جـ = سبب مزاحف / د = سبب / هـ - وتد حذف ساكنه ) ينقله من بحر لآخر ولا يخرجه من دائرة الشعر.
وغني عن القول هنا أن أغلب المقاطع الجديدة في الوزن الجديد تفقد مسمياتها السابقة بل وطبيعتها السابقة
لنرَ إن كان هذا يطّرد في غير البسيط
الطويل 3 2 3 4 3 2 3 4 واتباع التغير المذكور يعني تحول
2 3 4 3 إلى 1 3 3 1 1
فيصبح الوزن الجديد = فعولُ مفاعلُن فَعُلنْ مفاعيلن
3 1 3 3 1 1 2 3 4 = 3 1 3 3 1 3 3 4 = مفاعَلـَتن مفاعَلـَتن مفاعلـْتـُنْ
وهو الوافر التام
وهنا لا فرق رقميا بين التغيير الذي طرأ على البسيط فنقله إلى الكامل وبين التغيير الذي طرأ على الطويل فنقله إلى الوافر التام.
ولكن التعبير بدلالة التفاعيل يقتضي أن نعبر
عن الأول ( البسيط للكامل ) بالقول : تغيرت فاعلن مستفعلن إلى فعِلن متفعلُ )
وعن الثاني ( الطويل للوافر ) بالقول : تغيرت ( لن مفاعيلن فعو ) إلى ( لُ مفا علن فَعُ )
وهنا بعض التساؤلات
1- يقول الدكتور إبراهيم أنيس في كتابه موسيقى الشعر ( ص0 190- 191) ما يفيد أن البحور التالية ( الطويل ثم الكامل والبسيط ثم الوافر والخفيف ) هي البحور القومية التي استحوذت على أغلب الشعر العربي لدرجة يمكننا اعتبارها البحور القومية .فهل في هذا الاطراد في التغيير ذاته الذي يتم به الانتقال من زوجي الطويل والبسيط من جهة إلى الوافر والكامل من جهة أخرى ما يومي إلى علاقة ما بينها تجعلها دون سواها أقرب للذوق العربي
2- هل يمكن أن نستنتج من ذلك أن دائرتي المختلف ( البسيط – الطويل – المديد ) والمؤتلف ( الكامل- الوافر ) من أصل واحد أو أن إحداهما تطورت من الأخرى
المديد = 2 3 2 2 3 2 3
1 3 3 1 1 2 3 = 1 3 3 1 3 3 = مجزوء الكامل
3- هل ثمة تغييرات كبيرة سوى هذا بين البحور ؟ ربما والأمر يحتاج إلى دراسة
4- هل ثمة تغيير أكبر يشمل عددا أكبر من المقاطع بين بعض البحور ؟ ربما والأمر يحتاج إلى دراسة
5- هل ترى قارئي الكريم أهمية الرقمي في التناول العروضي؟ آمل ذلك.
أنوه هنا بأنه يشترط بالسبب الأول 2 في 2 3 4 3 أن يكون أول الشطر أو بعد وتد أي لا يشمل الحالة ( 2 2 3 2 2 3 )
المفضلات