أخي عمر:

سأقول في هذه القصيدة أولاً إنها على البحر البسيط، لا عيب في الوزن لذلك سننتقل فوراً لجوانب لغوية أخرى.
في رأيي أنك تستطيع أن تكتب شعراً جيداً ولكن مع بعض الحرص والتأني في اللغة. لا أعني بكلمة "لغة" هنا النحو بل المعنى العام أي الاستعمال الصحيح للكلمات.

هاعدت من سفري للأرض ياشام
لاالأهل أهل ولا الجيران جيران

أول ما نراه أن الشطر الأول انتهى بكلمة "شام" وأنت مضطر لإشباع الضمة لتصبح واواًً رغم أن البيت غير مصرع وهذا خطأ.
ففي قصائد الشعر العربي لا ينتهي الشطر الأول بحرف متحرك إلا إن كان البيت مصرعاً أو كان الحرف هاء ضمير أو كان البيت من المتقارب أو الهزج.
ثم استعملت كلمة "الأرض" وهي في هذا السياق تسبب الالتباس على القارئ:
هل هي متعلقة بالمصدر "سفري"؟ أي أنك كنت مسافراً للأرض؟ أم هي متعلقة بالفعل "عدت" أي أنك عدت للأرض؟
وما هي هذه الأرض؟ لعلك تعني "الوطن" وكل هذا ليس من التركيب الجيد الرصين، إذ من صفاته التعبير الدقيق.

من يهجر البغي في العزى له هبل
يبارك الظلم والإشراك سيان

هذا البيت غامض المعنى.
بأي شيء تعلق الجار والمجرور "في العزى"؟ هل تعلق بالمصدر "البغي" فيكون هجر البغي الموجود في العزى، أم هو متعلق بخبر مقدم محذوف والمبتدأ "هبل" فيكون المعنى أنه له هبل يوجد في العزى؟
وما هو تحريك "هبل" هل الهاء مضمومة فنحن إزاء اسم الصنم الجاهلي؟
أم الهاء مفتوحة كما قالوا "لأمه الهبل"؟ فهو دعاء عليه ربما؟
هل زال عهد صلاح عن ثقافتنا
أم زالت العهد أهوال وأزمان

"زالت" في الشطر الثاني خطأ إذ الفعل المناسب هو "أزالت".

هذي الجوامع ما لانت عريكتها
لكن من قبعوا في الصحن قد لانوا
قرح الجروح لإن طالت عوالجه
فالطب في الشام أشكال وألوان

هذان بيتان جيدا البناء!

ياجلق الخير قد لانت عزائمنا
وقد جفتنا عن الأفراح أحزان

"جفتنا" هنا الفعل استعمل خطأ إذ لا نقول "جفتنا أحزان عن الأفراح" بل نقول "أبعدتنا" ، وإذا جفتنا الأحزان فهذا هو المطلوب ولا زالت الأحزان مجافية لنا ولك يا أخي!

قد تذكرين بهذا الليل من وضعوا
فوق الثريا منارات وماهانوا
لولا عطاءك بذر الخلد ماحصدوا
زهر الخلود وما قلنا لقد كانوا

وهما بيتان جيدان وإن كنت أظنك في البيت الثاني تريد إعمال اسم المصدر "عطاء" بالمفعول به "بذر" والأحسن إعمال المصدر "إعطاء".

مع خالص التمنيات باضطراد التقدم والتوفيق.