أخي وأستاذي الكر يم
كل عام وأنت بخير


كان القياس أن تمج الأذن العربية مقام الدوبيت لكنها لا تفعل، إنها تستسيغه وهو الذي لا يجري على ما ‏عهدته من طرائق العرب في بناء أشعارها، وهذا ما يطرح أسئلة أخرى من شأنها أن توسع دائرة البحث ‏العروضي لتشمل دراسة أسباب انسجام التراكيب وليس مجرد وصفها والتعبير عن ذلك بالتفاعيل أو بالأرقام‎.



إن السؤال هو: كيف قبلت الأذن العربية ورود وتد مجموع بعد 4 أسباب؟


هذه التساؤلات جاءت على موعد مع كتابتي فصلا في الطبعة الثانية بعنوان " الهيئة والكم،" لتعمق نظرتي وتريها، وحقا إن تداعياتها في ذهني أثرت الموضوع بشكل كبير فلك الشكر.‏

صنف تتحكم في الهيئة من انتظام وتناوب مقاطع والكم تابع لها فلا يحصل من تغيير في الكم إلا إذا طابق ‏الهيئة، وهو ما تنظمه مواضيع الرقمي الأساسية من بدهيات الخليل والمشتقات والتخاب وهرم الأوزان ‏وساعة البحور والاستئثار. وهذا يشمل البحور جميعا تقريبا.‏

وصنف يتحكم فيه الكم والهيئة تابعة له ويشمل الخبب والقصد بالهيئة هنا أثر توزيع وتناوب الأسباب ‏الخفيفة والثقيلة. وهذا مختص بالخبب.‏


ويجي تعليقك أعلاه ليضيف أمرين لهذا الموضوع ، أحدهما ما أفكر في تسميته ( بالوزن البيني ) أي بين ‏الكم والهيئة وهو ما اقتصر على وتد ذي جناحين خببيين . أي وجود 2 3 ( ذات وتد واحد ) في المركز ‏واسباب خببية على يمينها ويساارها. وهذا بعض هيئة و بعض كم. فحتى يكون هناك هيئة لا بد من وتدين ‏كحد أدنى ، المقتضب على الدائرة من بحور الهيثة 2 2 2 3 2 3 . ولكنه على النحو التالي ليس من ‏بحور الهيئة 2 2 2 3 1 3 = 2 2 2 3 (2) 2 ، فليس فيه إلا وتد واحد. فإذا زوحف بناء على ( وزا - المراقبة ) ( 2 3 3 1 3 ) احتاج أمر نسبته إلى مزيد من التأمل والتفكير.‏

والمطلع على التمارين العديدة في الدورات في مضاهاة الدوبيت يجد شيئا من هذا وخاصة في :‏


بعبارة أخرى الوزن المكون من جناحين خببيين وقلب بحري ( 2 3 ) غذا كان ذا طول معين لنقل حوالي 20 ‏يكون سلسا في السمع. ولكنه لا يعتبر من الشعر بل من الموزون

لك وللقراء اختبار ذلك .


فمثلا 2 1 3 2 3 2 1 3 = 2 (2) 2 2 3 2 (2) 2 أسلس من مجزوء البسيط بدونه زحاف 4 3 2 3 4 3 ‏



وجرب 2 2 2 3 (2) 2(2) 2 = 6 3 1 3 1 3‏

يا من في مسيرته لمعا .....مثل البدر في سحر سطعا

وليتك تجرب غير ذلك.



‏ كان القياس أن تمج الأذن العربية مقام الدوبيت لكنها لا تفعل، إنها تستسيغه وهو الذي لا يجري على ما ‏عهدته من طرائق العرب في بناء أشعارها، وهذا ما يطرح أسئلة أخرى من شأنها أن توسع دائرة البحث ‏العروضي لتشمل دراسة أسباب انسجام التراكيب وليس مجرد وصفها والتعبير عن ذلك بالتفاعيل أو بالأرقام‎.‎

إن السؤال هو: كيف قبلت الأذن العربية ورود وتد مجموع بعد 4 أسباب؟‎ ‎
موضوع التخاب يغطي جانبا من الإجابة إضافة إلى ما تقدم.‏ ولا أزعم أن ما تقدم يحمل كامل الإجابة فربما كان للأمر أبعادا تقع الإحاطة بها فوق قدرتي . وهنا دعوة لك ولسواك للبحث.


وإن شئت فقل: كيف قبلت الأذن العربية تلاحق وتدين مجموعين سبقا بأربعة أسباب وأتبعا بثلاثة أسباب؟ ‏وليس أي شيء آخر‎.‎

ليس من وتدين مجموعين بل واحد فأصل الدوبيت 2 2 2 3 4 3 2 1 3 وزحاف 4 إلى 3 لا يجعلها وتدا ‏أصيلا. وإلا فكيف تأتي متفعلن 3 3 في أول البسيط . لا يجتمع في العربية وتدان أصيلان‏



إن كل بحث عروضي يتناول هذا الوزن دون أن يحاول محاولة جادة تقديم إجابة مقنعة لهذا السؤال ليس أكثر ‏من ثرثرة تعيد طحن الطحين‎.‎‏ ‏

يا أستاذي حنانيك.‏

معك الحق إن كان التقييم متعلقا بفهم عميق لعلم العروض، وأخشى أنه في هذه الحالة سيشمل معظم ما تقدمه كتب العروض حول سائر البحور، علما بأن ما تراه ثرثرة رقمة وصفية قد يسهل الطريق على من يريد التعمق والتعليل ولو كأداة .


ولكن ماذا لو كان الأمر متعلقا بتقديم وصف يسهل تذكر الوزن على متعلم العروض ، بدلالة المقاطع أو الحركات والسكنات كما تفضلتَ وكما ألمحت أستاذتي إباء شأن معظم ما ‏تقدمه كتب العروض عن سائر البحور في الأعم الأغلب، كوسيلة توصيف لا تعليل، وكعروض لا علم عروض، وكم من أهل المنتدى – ناهيك عن سواهم - يتجاوز ‏دورات العروض ليصل إلى علم العروض؟

ومهما يكن فإن على دارس هذا الوزن أن يتعامل معه كحركات وسكنات مستبعدا كل أشكال التفاعيل التي صور ‏بها في أنساقه المختلفة؛ لكي يتحرر من محدوديتها وما تمارسه على الذهن من سلطة، ذلك أن كل تفعيلة ‏تستدعي زحافاتها ولو مرة واحدة في ما اعتدناه، هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن تخلف تلبية الزحاف لهذا ‏الاستدعاء على الدوام يجعلنا نتشكك في مدى شرعية تلك التفعيلة‎.‎

أتمنى عليك أخي واستاذي الكريم تقييم ما تقدم. علما بأن إشارتي إلى الكم والهيئة هنا عابرة وسريعة، وهي ‏في مخطوط الكتاب أكثر تفصيلا.‏


ودمتم موفقين‎.‎
‎ ‎يحفظك ربي ويرعاك.‏ وشكرا للتعليق الثري المثري. ولا تحرم أخاك من نور بصيرتك.