شاعر عند الطبيب
الدكتور ضياء الدين الجماس
الشاعر
الشكوى لله البَـرِّ = أنت طبيبي يسر أمري
إني منهوك وأعاني= أشعر وَحَراً يملأ صدري
أشعر خنقاً في أنفاسي= أغرقُ في عَرَقٍ كالبحرِ
درعٌ طوَّق لي أضلاعي= في صدري ثِقَلٌ كالصخرِ
الطبيب :
هل من جهدٍ أو أفكارٍ = أو حزن يسري في السرِّ؟
الشاعر:
حزني كَدَرٌ في أعمالي= كُرَبٌ جثَمَتْ تشغلُ فكري
فأعبِّرُ عنها بحروفي= وبزورَقِها أركبُ بحري
البحرُ الوافر أيسرها= والكاملُ يحلو في شعري
والمقتضبُ لطيفٌ نبضاً = أقرضه كرفيفِ الطَّيْرِ
في رمَلي أرتاحُ قليلاً = أمّا الخببُ فيؤنسُ سَحَري
الطبيب :
منذ متى تشكو أعراضاً= من ألمٍ أو ضيقِ الصَّدرِ ؟
الشاعر :
من ساعات ذقتُ كروباً =لحظاتٍ مرَّتْ كالدهرِ
الطبيب :
أخبرني بحياتك نهجاً= هل من تبغٍ؟ هل منْ خمر ؟
الشاعر:
في صدري ثَقُلتْ أسراري =تكويني كلهيبِ النارِ
وأرى من حولي أشراراً = تسرقُ أحلامَ الأطهار
فأهدّئ نفسي بسِجارٍ= ينسيني كابوسَ العارِ
حين أدخّنُ يصدح حرفي=تلمعُ في ألق أشعاري
إنَّ الخمرةَ لا أقربُها =تُسكرني تقطعُ أوتاري
هاج الطبيب وقال ناصحاً:
كم أردى عشقٌ مجنوناً =في حبِّ عشيقٍ جبّارِ
والتبغُ أليفٌ غدّارٌ = يغلقُ شرياناً بخُـــثار
جُلْطةُ قلبٍ سدَّتْ عِرْقاً=يلزمُها فتحُ القثطارِ
بأناملَ مختصٍّ حَذِقٍ =يفتحها بهدى المسبارِ
أو نبدأ فوراً بدواءٍ=يجلو خُثَـــراً بالبسطار
يجرفها شطفاً كغسولٍ=بوريدٍ مع دَمِهِ الجاري
وتمهلْ في الشعر رويداً=لا تركب بحر الأشعار
فعواطفه وعواصفه =تقتلعُ عتيدَ الأشجار
الشاعر:
كيف أعيشُ بلا أحلامي=روحي تحيا بالإبحار
حرفٌ حلوٌ من مجتثٍّ=يهطلُ دفــقاً كالأمطار
دعني أقرض شعراً رجزاً=مشطوراً بعد الإفطار
لا إمتاعَ بلا مجهود = والشعرُ فراشي ودثاري
الطبيب
لا بأس بنثرٍ مسجوعٍ = وارقدْ بسريركَ في الدار
دندن منهوكاً من رجزٍ = بعد شفائكَ ذاك قراري
الحمد لله تعالى
المفضلات