العزيز خشان حفظه الله ورعاه

مداخلتك هذه حول المقتضب و مجزوء الخفيف بداية ممتازة لمناقشة المنهجين الرقميين . كنت قد استفسرت عن المقطع المرجعي الذي يبنى عليه تأصيل بقية المقاطع في الوزن , فأحلتني على أحد الروابط ,ووجدت فيه قولك : " وفي الغالب يكون الرقم 3 الأيسر هو الأصيل وأحياناً نادرة يكون الأيسر هو الزوجي ....الخ " . وقد استفدت من ذلك , لكن السؤال لازال قائماً : كيف نتأكد أن هذه المرجعية صحيحة ونبني عليها عملية التأصيل ؟

لقد كانت هذه إحدى العقبات التي واجهتني , وحاولت التغلب عليها بنزع الثقة من جميع الأوتاد والفواصل , والبحث من خلال الإحتمالات الكثيرة أحياناً عن النظام أو الأنظمة الأصلية . وقد قصرتها في الدرس الثاني في الحالات الأكثر شيوعاً بهدف تبسيط الأمور على المتعلمين . ومع ذلك لم أجزم بفعالية هذه الطريقة في جميع الحالات لسببين :

1- ربما خرجت بنظامين مختلفين لتقطيعين مختلفين لوزن واحد ( يجب ملاحظة الفرق بين هذا وبين وجود نظامين مختلفين لتقطيع واحد لشطر واحد , الذي لا غبار عليه )
2- في الوزن الواحد : مجزوء الخفيف مثلاً , توجد أمثلة من الشعر مختلفة التقطيع , وقد يؤدي كل تقطيع إلى نظام أو أكثر من نظام . فلا يوجد ضمان بأن طريقة حصر الإحتمالات سيؤدي إلى حل متفرد واحد .

دعني الآن أقد نماذج من المقتضب ومجزوء الخفيف ثم أعلق عليها :

1- المقتضب ( قد أتاك يعتذرُ )
نظامه حسب الرقمي : 22 32 22
نظامه حسب النظمي : 32 22 32 + 32 3 32

2- المقتضب ( ترك سنَّتي فيكم ) -------------- سادتي من البدعة
نظام الرقمي : 22 32 22
نظام النظمي : لا يوجد نظام ما لم نتنازل عن شرط عدم تتابع ثلاثة اسباب في البداية
عندها يصبح النظام : 22 32 22

3- الخفيف ( قد أتى من غيابه )
الرقمي : 32 22 32
النظمي : 32 22 32

4- الخفيف ( ربّ قد أترعت كأسي )
الرقمي : 2 23 23 2
النظمي : 2 23 23 2
5- أقبلا وقالا لنا ( المقتضب ) -------------- تملّوا بنا تنعموا ( المتقارب )
الرقمي : 32 22 32
النظمي : 32 22 32 + 32 3 32

6- غير أن الحديث عن ( الخفيف ) ----------ذاك كان مقتضبا ( المقتضب )
الرقمي : 32 22 32 ------------------22 32 22
النظمي: 32 22 32 ------------------32 22 32

7- ليت شعري ماذا ترى ---------------أم عمرو في أمرنا
الرقمي : 32 22 32
النظمي : 32 22 32



في هذه الأمثلة تبرز المشكلة بوضوح :

1- صور مختلفة من الوزن الواحد لها أصول مختلفة في المنهج الواحد على سبيل المثال : أصل الرقمي في المثال الأول يختلف عن أصله في المثال الخامس وكلا المثالين من المقتضب , وأصل النظمي في المثال الثالث يختلف عن أصله في المثال الرابع وكلا المثالين من الخفيف

2- يتفق المنهجان على تأصيل واحد لصورة ما للوزن ( المثال الخامس ) , ويختلفان على صورة أخرى للوزن نفسه ( المثال الأول )

3- المقتضب يقترن بالخفيف ويقترن بالمتقارب في البيت الواحد , مما يدل على تقارب الأوزان

-----------------------------------------------------------------------------------

ما العمل إذاً ؟ كما ذكرتَ يمكن الرجوع إلى عروض الخليل وقواعد الزحاف كوسيلة ترجيحية . وأن أتفق معك تماماً ليس في هذه المرحلة فقط , بل في جميع مراحل البحث عن حقيقة الأوزان . وقد استعملت هذه الطريقة في اختيار نظام المقتضب المختلف عليه بيننا , ولم اختر في الكتاب ما اخترته في المنتدى ( في الكتاب اخترت الاحتمال الرابع المعيب 32 3 32 على الثاني السليم 32 22 32 ) بسبب أن الرابع أقرب من حيث كم الزحاف إلى واقع الشعر .

ولكني أضيف :

1- نحتاج إلى مزيد من الضوابط لتقليص عدد الأصول المحتملة . وفي ظني ان هذا ممكن من خلال دراسة المقاطع الصوتية .
2- علينا عدم التسليم تلقائياً بتفريعات وتصنيفات العروض وخصوصا في صور البحور المجزوءة والمنهوكة , فهي اجتهادات يمكن أن تصيب أو تخطئ .

أريد أن أختم بالقول : إن باباً للبحث قد فتح هنا من خلال هذا النقاش . وربما تكون الخطوة القادمة مقارنة ميكانيكية المنهجين الرقميين في التأصيل ؛ مثلاً , ماهي علاقة قاعدة تعاقب الزوجي والفردي بالتناظر والتتابع ؟ وهل تبادل الخانات بين المقاطع هو كل ما نحتاجه , أم أننا بحاجة إلى قياس كمية المقاطع ؟ وهل يؤدي تطبيق قاعدة تعاقب الزوجي والفردي دائماً إلى ظهور أنظمة متوالية أو متناظرة ؟ أسئلة كثيرة قد تقودنا إلى تقدم في حل لغز الأوزان الشعرية ,,,,

أتمنى أن يشارك بقية أعضاء النادي وضيوفه في هذا النقاش ,,,,,,,,,,,,,,,,,

تتمة الشعر في المثال الرابع
ربّ قد أترعت كأسي ------------------- فاغفر الذنب من أمسي
يا مجيري وخالقي -----------------------لا تكلني إلى نفسي .