أخي د. عمر خلوف

سرتني مداخلتك التي انتظرت

ولكن توضبحا أقول

إن القرابة بين البحور أو وحدة السلالة تكون محتملة إذا كان التغيير في منطقة العروض والضرب. وتنتفي إذا كان ذلك في الحشو.

ولهذا أرى أن ملحق خلوف 4 3 2 3 2 3 ومخلع البسيط 4 3 2 3 3 2 يمكن أن يكونا من مجزوء البسيط

والذي تراه فيهما قلبا لآخر مقطعين يمكن أن يكون ناتجا عن قطع مستفعلن وخبنها تارة وقطعها وطيها تارة أخرى.

والأمر ذاته ينطبق على السريع 4 3 4 3 2 3 والرجز 4 3 4 3 3 2 وكلاهما معا يمكن أن يكونا من
4 3 4 3 4 3 بعد تحولها إلى 4 3 4 3 2 2 2

وإن صحت وحدة الأصل هذه بين ( مخلع البسيط ولاحق خلوف ) فلا يعني ذلك أبدا أن البحرين بحر واحد. بل يعني جواز أن يجتمع وزناهما في الصدر مع عجز ذي وزن واحد هو شطر أصلهما المشترك

فيكون لدينا الوزنان

مخلع البسيط = 4 3 2 3 3 2 .........4 3 4 3 4 3 ( وهذا وارد)
لاحق خلوف = 4 3 2 3 2 3 ...........4 3 4 3 4 3 ( وهذا مثلت له وأسألك حكم ذوقك إن كنت تجده من حيث الاستساغة في نفس درجة شقيقه مخلع البسيط الذي ورد عليه شعر )


ويكون لدينا من الرجز والسريع الوزنان:

الرجز = 4 3 4 3 3 2 ..........4 3 4 3 4 2 ( وهذا وارد)
السريع = 4 3 4 3 2 3 ..........4 3 4 3 4 2 ( وهذا مثلت له وأسألك حكم ذوقك إن كنت تجده من حيث الاستساغة في نفس درجة شقيقه الرجز الذي ورد عليه شعر )

وأما ما تفضلت به من قولك:

بل إنه لكي يثبت الأصل الواحد للمخلع بشكله الزحافي (/ه/ه//ه . /ه//ه . //ه/ه) واللاحق (/ه/ه//ه . /ه//ه . /ه//ه) عمد إلى [شقلبة] المقطعين العروضيين الأخيرين، وبادل بين مكانيهما
فإننا قياسا عليه يمكن أن نعتبر الوزن المنقول عن العقد الفريد:

4 3 2 3 2 2 3 ...........4 3 2 3 3 2
بالقول عن العروض والضرب فيه:

أنه قلب للمقطعين الأخيرين 1ه.... 11ه ( 2 و 3 ) يسبقه حذف 1 ه من 1ه 1ه 1 1 ه ( 2 من 2 2 3 )، وهذا أشد من مجرد القلب. ثم ترك المجال ليستدل من ذلك على أن هذا لا يجوز.

وفي هذه النقطة بالذات فلست أنا أول من قال ذلك

فأما نسبة المخلع 4 3 2 3 3 2 للبسيط فتكاد أن تكون محل إجماع العروضيين، والذي قلته أنا أن من المحتمل أن يكون هذا الوزن متسلسلا من مجزوء البسيط أو من المنسرح وذلك في الرابط:

http://www.geocities.com/khashan_kh/47-mokhallaan.html

وأما نسبة 4 3 2 3 2 3 إلى مجزوء البسيط: فقد ذكره الدكتور محمد الطويل في كتابه ( في روض الشعر العربي) في باب البسيط ومما قاله في معرض كلام طويل عنه أسوق بعضه لأهميته التاريخية:


" وهناك صورة غريبة استعملتها نازك الملائكة وعبده بدوي ........... تقول نازك :


خضراء برّاقة مغدقة = كأنها حبة الفستقهْ
شفاهها شفق أحمرٌ = كم حاول الورد أن يسرقهْ

وقد قال الدكتور عبده بدوي:


كانت وراء المنى وردةٌ = وفي ضمير السنا سقسقهْ
وحين زفّت شذا نورها = فهزّ أياميَ المطرقهْ

[ ما بين هذين القوسين مني – خشان]
وكتب الدكتور عبده بدوي مقالة يزف للناس فيها هذا البحر الجديد، وقد رد عليه الدكتور عبد العزيز الدسوقي بأن القصيدة يمكن أن تكون من ثاني البسيط مع إدخال الخبن والقبض على (فاعلن) [32] فتصير (فعلْ ) [3] إذا جاز هذا وتكون على الصورة التالية
مستفعلن فعلْ مستفعلن [ 2 2 3 3 2 2 3 ]

[ وزيادة على علات هذا القول فإن الوزن الناتج لا يطابق وزن شعر نازك وعبده بدوي]

ثم عاد الدكتور عبد العزيز يقول : إن الأستاذ عبد اللطيف عبد الحليم كتب إليه يقول إن هذا الوزن بالصورة التي استعملتها نازك وعبده بدوي مستعمل، فقد ورد في كتاب الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة 386 من القسم الأول من المجلد الأول قصيدة من نظم عبد الله بن الحفاظ الكفيف يقول فيها:


قصّر عن لوميَ اللائمُ = لمّا درى أنني هائم
ما زلت في حبها منصفا = من لم يزلْ وهو لي ظالمُ
"

أنتهى النقل

وهكذا فالقول بالقلب بين 2 3 و 3 2 ( سواء في زوجي ملحق خلوف ومخلع البسيط أو السريع والرجز) في آخر الشطر وارد ولكنهم كما ترى اختلفوا في تفسيره. ورأيي فيه على وجهين

أولهما بدلالة التفاعيل

3 2 = مستفعلن لحقها القطع والخبن فصارت متفْعلْ
2 3 = مستفعلن لحقها القطع والطي فصارت مستعلْ

وتفسيرها حسب التخاب في الرقمي والتعبير عنه بدلالة التفاعيل

أن مستفعلن 2 2 3 صارت مستعِلن 2 1 3 وهي بعد الأوثق = 2 (2) 2 تك مستعْلن 2 2 2 وهذه تصبح بالزحاف
1 2 2 = 3 2 = مُتَعلُنْ
2 1 2 = 2 3 = مسْتلن

والخلاف بين التسميات لا يغير شيئا من واقع الأمر. وهذا يعني أنهما صنفان من مجزوء البسيط اختلفا في العروض والضرب ولا يتداخلان في قصيدة واحدة. وقولي هذا لا يناقض اعتبارهما بحرين مستقلين ولكن القول باستقلالهما وصفا لواقع تمايزهما لا يلغي وحدة أصلهما في حال انتساب 4 3 2 3 3 2 للبسيط لا للمنسرح.

ويتبع القول أن 4 3 2 3 2 3 بحر مستقل أن يجوز فيه
4 3 1 3 1 3
كالقول:
سمراء رائعة الكلمٍ = للحسن تُرْفَعُ كالعلم

وهو وزن رائق لكنه يستتبع تداعيات أخرى منها، أنه يبيقى رائقا بالقول:

سمراء رائعة الكلم = للحسن تبدو كالعلم
4 3 1 3 1 3 = 4 3 2 2 1 3
ويرجع في هذا إلى التخاب بعد الأوثق.

واستكمالا للحقيقة التاريخية أذكر أن ابن عبد ربه قد تنبه لهذا الاحتمال فنفاه من مجزوء البسيط على الأقل. حيث ذكر في باب مجزوء البسيط:

العروض المقطوع الممنوع من الطي - ضربه مثله

كآبة الذّلّ في كتابي = ونخوة العزّ في جوابي

وبلغة الأرقام فهو يقول :

إن 2 2 3 تتحول إلى 2 2 2 وهذه تتحول إلى 1 2 2 = 3 2 ولا تتحول إلى 2 1 2 = 2 3

ما تقدم يخصه من العنوان ( نسب وتأصيل)


ولست أرى أبدا تسلسل ملحق خلوف من السريع ولا تسلسل مخلع البسيط من الرجز بل هذا هو بالأخص ما أقصد به الرياضة العروضية ويخصه من العنوان النسبة والتناسب وليس النسب والتأصيل.

ويبقى سؤال واقعي جدا

وهو هل القول بأن المخلع لا يخص مجزوء البسيط بل هو من المنسرح، فما رأيك فيما ذكرته من شاهد العقد الفريد

4 3 2 3 4 3 ..........4 3 2 3 3 2

أشكرك على رؤيتك الجميلة لما أقوم به. وردك يبين خطوطا عريضه أتمنى أن يتبعها تفصيل لبعض النواحي خاصة هذه التي أعدت طرحها على وجه التحديد فرأيك وخاصة المستند إلى ذائقتك الشعرية فيما يخص الوزنين الذين لم ترد لهما شواهد - بغض النظر عن الأصل والسلالة - يهمني وأشكرك عليه سلفا.
حفظك الله ورعاك.