هنا يتجاور الشكلان البند والتفعيلة بعد تعديلي شكل الجزء الأول.
والسؤال في هذه الحالة بالذات : هل من فرق بين البند والتفعيلة ؟
وهذا يعيدنا إلى رأي نازك الملائكة الذي يرفض التدوير في شعر التفعيلة.

هل نحن أمام صنفين أم صنف واحد باسمين ؟





إلى أين تمضينَ محبوبتي و الجدودُ يجوبونَ بحراً من الظلِ و الضوءِ الحزنِ و العشبِ كي يطرقوا بابنا في أقاصي السنين
*
إلى أين تمضينَ.. إني أقلّب في الذكرياتِ وأعبرُ في ندمٍ يابسٍ و أجوبُ الغناءَ القديمَ و أصعدُ مرتبكاَ نحو ما لا أرى سُلّمِي ممعنٌ في الأسى طاعنٌ في الحنين
*
إلى أين تمضينَ و الغرباءُ مرايا غيابي و حزنُ المدينةِ بابي و أسئلتي من كلامٍ قتيلٍ و عذري رمادٌ مجيدٌ و أنشودتي من غناءٍ مُعَادٍ لبحارةٍ تائهين
*
إلى أين تمضينَ و الريحُ تنزعني من مداري و تفتحُ أبوابها كلها.و ترجّ جداري فأي البلادُ بلادي وراء المرايا..السبايا و موجِ اللغاتِ.. الجهاتِ..و همهمةِ الجندِ و الفاتحين
*
إلى أين تمضينَ و العتباتُ سدى و نوافذنا صرخاتُ ضحى.. و كلامُ الرعاةِ هدانا مناراتنا ظلُ ضوءٍ تداعى و أقدامنا تتهاوى.. و من خلفنا ضجةُ الموتِ و النازحين
*
إلى أين تمضينَ و الذكرياتُ رنينُ الرثاءِ أسيرُ إلى ندمٍ كاملٍ في النداءِ و ارسم لوحاتِ حزنٍ و أُحصي حصي العائدينَ وحيداً و خلفي ظلامٌ رجيمٌ و فوقي غمامٌ طعين



إلى أين تمضينَ
و الصمتُ ذاكرتي و كلامي
و أذرعُ موتاي تطوي غدي
و تحيل و جودي صدى..
عبثاً سأريقُ الندى في المنى
و أجففُ من ضجةِ البحرِ صوتي
و أنبشُ عبر المتاهاتِ خطوي
و أبحثُ عن لافتاتِ الهدى
و الضلالِ المبين



إلى أين تمضينَ
و الجندُ فوق السياجِ
و خلف الزجاجِ
و في لعبة الطفلِ..
في الطلِ و الظلِ..
وسط شقوقِ الربي
و الغناءِ الذي عن بياضِ الندى
و سماءِ السجين



إلى أين تمضينَ
أعمارُنا شجرٌ في الضبابِ
حياةٌ تهابُ الحياةَ..
كلامٌ يبددُ معناهُ..
أنشودةٌ عن مسيرِ الغزاةِ
و أسطورةٌ من خيولٍ وريحٍ
عويلُ الطبولِ يحاصرنا
و التراتيلُ مرفأنا
لوعةُ المجدِ من خلفنا..
و خطى الطامعين