http://www.alfaseeh.com/vb/showthrea...l=1#post603603

وفيما يلي رد أستاذي سليمان أبو ستة :

أخي الحبيب أبا صالح
أشتم رائحة عتب أو خيبة أمل ناشئة عن مداخلتنا الأخيرة، فآمل أن لا يزيد العتب أو تستفحل الخيبة بهذا الرد:
(ثم يا أخي وأستاذي أبا إيهاب بت أرى انفصاما واضحا بين تصور كل منا لمنهج الخليل.)
بل بالعكس، أرى توافقا تاما بدليل قولك في الفقرة التالية:
" منهج الخليل عندي لا يقتصر على ما روي عن الخليل بل يشمل استقراء ذلك النهج. كما يؤيد ذلك قولك :" فهذا البيت، لو كان سمع به الخليل لما تردد في جعله من ثاني المنسرح كما وصفه المعري " فالمعري استقرأ منهج الخليل وأنت استقرأته وأنا أوافقكما في استقرائكما."
(ذلك أني أرى أن 4 3 4 3 2 2 2 هي الأصل المشترك لكل من المخلع واللاحق الذي وزنه مستفعلن فاعلن مستعل(
كيف يكون هذا النسق عندك وهو ينتهي بثلاثة أسباب (س س س) أصلا مشتركا للمخلع الذي ينتهي بسببين ووتد مقطوع (س س و) واللاحق الذي ينتهي بسبب ووتد (س و). فالقطع في الوتد لا يمحو شخصيته الوتدية ويحوله إلى سبب، ولا يكفي لذلك كون الوتد المقطوع والسبب يشتركان في صفتهما المقطعية (مقطع طويل).

(كما أعتقد أن مستفعلن مستفعلن مستفعلْ في صورته المشطورة ينتمي إلى كل من الكامل والرجز والسريع
من الرجز : يا صاحبي رحلي أقلا عذلي = 4 3 4 3 2 2 2 ( أهدى سبيل – ص 91) منسوبا في الكتاب للرجز
وإذن يجوز فيه :أصاحب الرحلِ أقلّ عذلي = 3 3 2 1 3 3 2
من السريع : يا صاحبي رحلي أقلا عذلي = 4 3 4 3 2 2 2 ( أهدى سبيل – ص 107) منسوبا في الكتاب للسريع
وإذن يجوز فيه : أصاحبَ الرحل أقل العذَلْ = 3 3 2 1 3 2 3
وهو من مشطور الكامل = متْفاعلن متْفاعلن مُتْفاعلْ = 4 3 4 3 2 2 2
وإذن يجوز فيه = أصويحبي في الرحلِ همْتَ بعذلِي = ((4) 3 4 3 (2) 2 2
)
إن مستفعلن مستفعلن مفعولن لا ينتمي إلا إلى السريع عند الخليل وأتباعه، أما عند المستدركين أمثالنا فهو ينتمي إلى ما قلت ، وهذا يدلك على أن مناهجنا كلها ليست مطابقة تماما لمنهج الخليل. وقد قال صاحب الغامزة ص 187 :
"استدرك بعضهم للرجز عروضا أخرى مقطوعة ذات ضرب مماثل لها، وأنشد على ذلك:
لأطرقن حصنهم صباحا ××× وأبركن مبرك النعامه
وكذلك حكوا جواز القطع في المشطور وجعلوا منه:
يا صاحبي رحلي أقلا عذلي
والخليل رحمه الله يجعل هذا من السريع"
(النظرة التفعيلية ترى الأحكام الكلية الناجمة عن استقراء نهج الخليل بهلوانية.)
هذا صحيح في حالة ما إذا كنت تقصد بالنظرة التفعيلية حدود التفعيلة التي يمكن أن تختلف بين سايكس بيكو ومؤامرات النظام العالمي الجديد. أما إذا كنت تقصد طبيعة المكونات السبب وتدية فلا.
( هذا الذي جاء به المحلي من أحكام الاعتماد مفصل مسبقا ليوصل للنتيجة التي قال بها والتي أراك تقول بها، وواضح من السياق أن هذا لم يرو عن الخليل وإنما هو مفصل على المقاس التجزيئي للبحور.)
ما جاء به المحلي لا يعدو كونه شرحا لقول الخليل (حسب رواية ابن عبد ربه) وهو: العروض المقطوع الممنوع من الطي ، حتى لا تسول لأحدنا نفسه فتقطع هذه العروض، لكنه يبيح الخبن لأن السبب المخبون لا يعتمد على وتد مقطوع بل على سبب مثله ، قال: "ولا يجوز طيه مع القطع لاختلال العامد كما تقدم، ولكن يجوز خبنه". فهذا كما ترى تفسير لما أخل ابن عبد ربه بذكره من كتاب الخليل الذي نقل عنه (كما زعم) ولو كان قرأ كتابه فعلا لوجد الخليل يفسر ذلك بمثل تفسير المحلي له.

أما قولك : ((مخلع البسيط الذي احترمنا اشتقاق الخليل له من رحم البسيط، فقط لأنه الخليل )



فبقدر ما فاجأني وأذهلني فقد أكد لي ما توصلت له من زمان من أن دخول علم العروض يشموليته ومنهجيته وتجريديته بأدوات العروض التجزيئية التجسيدية مدمر.
وأنا أفهم هذه العبارة وكأنك تعني بها أن رأي الخليل في المخلع وهو نابع من منهج الخليل جدير بالرفض لمخالفته ما رسخ من برمجة التفاعيل لأذهان العروضيين ثم انتقال بعضهم بها من العروض إلى علم العروض
وأنك إنما تقبله مجاملة للخليل، خشيت أن تتهم الخليل بالهلوانية وقلب الأمور رأسا على عقب. ألهذه الدرجة وصل التناقض بين تفاعيل الخليل والخليل أو منهجه لديك ؟؟ )

لا داعي لأن تفاجأ وتذهل إذا ما علمت أن الخليل في عروضه كله لم يلجأ إلى قطع تفعيلة العروض إلا في هذا الموضع من مجزوء البسيط، وكان معذورا في ذلك، لأنه لم يجد في بحوره كلها ما يحتضن هذا المخلع، حتى جاء عروضيون لاحقون فاكتشفوا أن بحر المنسرح يمكن أن يوفر هذا الحضن الدافئ .
فأنت كما ترى تجدنا نحاكم الخليل بنفس منطقه ، ومن خلال الغالبية شبه المطلقة منه ، ثم نلتمس له العذر لأنه لم يقض في تأليف كتابه الضائع اثني عشر قرنا يراجعه كل يوم ويستدرك على نفسه كل جديد لم يفطن له في القرن الثاني للهجرة.
(كل يوم أزداد اقتنناعا بأن الرقمي لن يكون مفهوما ولا مقبولا بالمرة لدى أغلبية العروضيين الذين صاغت تجزيئية التفاعيل والبحور أذهانهم على حساب شمولية الصفات العامة للإيقاع العربي ومضمون منهجية الخليل. وسيكون على من يرغب من العروضيين في فهم الرقمي – سواء لتأييده أو لمعارضته ورفضه موضوعيا – أن يتدرج في دراسته من الدورة الأولى ولن يجد فيه معلومة جديدة بل سيجد ذات المعلومات التي يعرفها مصوغة الترابط حسب منهاج آخر يعيد بناء التفكير من على أسس جديدة وهو ما استغرقني في ذاتي سنوات .)
ولا يزال للرقمي بريقه الذي لا يخبو طالما حافظ على تلك المسافة من عروض الخليل، فهو منهج مغاير لمنهج الخليل (وقد يكون أفضل منه) لكنه ليس تفسيرا له، ولا تماهيا معه ، وإلا لكان يكفينا مئات الكتب بل الآلاف منها التي شرحت كتاب الخليل على مدى القرون الماضية.
والله يحفظنا جميعا ويرعانا.