تخميس قصيدة الشاعر السوداني
المرحوم ابراهيم علي بدوي

قد ذبتُ وجداً في سنا فحواكا / وأروم قرباً ابتغـــــي نجواكا
مُلءَ الفؤاد بسابغات هواكا / بكَ أستجير ومَن يُجير سواكا
فأجِر ضعيفاً يحتمي بحماكا
فهوى الدَنِيَّـــة للمهاوي جرَّني / وهواكَ ربّـــي بالتقيّة سرّني
وبباب رجواك العظيمة قرّني / دنيايَ غرّتني وعفوكَ غرّني
ما حيلتي في هذه أو ذاكا
فهواكَ يا محبوب قلبي جنّني/ وغدا بعهدة خافقي عشقاً سني
لرؤاكَ أهفو عند ذا عيشي الهني / إن لم تكن عيني تراك فإنّني
في كلّ شيءٍ أستبين علاكا
في خافقي مَضَّ السعير وذا الجوى/وسعى لإضرامي وفيه قد اكتوى
إبليس أغواني نَحا بي للنوى / ربّاهُ ها أنا ذا خلصتُ من الهوى
واستقبل القلب الخليّ هواكا
يا مَن أفاض على البسيط بطحوها / وعلى شآبيب الهيام بدحوها
بكَ قـــــــــــــد علقتُ وبالنجاة وجوّها / وتركتُ أُنسي بالحياة ولهوها
ولقيتُ كلّ الأُنس في نجواكا
لكــــــــنْ بقيتُ وها أنوء بكربتي / وأروم منكَ أيا الهــــــي قربتي
وغدا هيامي في غرامكَ سُبّتي / ونسيتُ حبّي واعتزلتُ أحبّتي
ونسيتُ نفسي خوف أن أنساكا
باللهو قلبـــي سابقاً فيهِ غوى / ومعاصيــــــاً أدّى وما يوم ارعوى
واليوم لا طعمٌ لها غير الجوى / ذقتُ الهوى مُرّاً ولم أذق الهوى
يا ربّ حلواً قبل أن أهواكا
أيام لهوي لم أعش بحلاوةٍ / فيها المآسي أجتنـــي بطراوةٍ
ما حزتُ فيها مؤمناً بنداوةٍ / أنا كنتُ يا ربّي أسيرَ غشاوةٍ
رانت على قلبي فَضَلَّ سناكا
بكَ قد علقتُ أيا رحيم حفاوتي / مِن بعد أنْ غرَّتْ حِجايَ هفاوتي
يا بئس أيّام الصبــــــا وشقاوتي / واليوم يا ربّي مسحتُ غشاوتي
وبدأتُ بالقلب البصير أراكا
يا ربّ أحنو قد أتيتكَ سائلاً / أبدي قصوري في هواكَ وواجلاً
وأبوء بالتبعات أرنو وابلاً / يا غافر الذنب العظيم وقابلاً
للتوب قلباً نائياً ناجاكا
لكَ قد أتيتُ أيا إلهي بغربتي / إذ حانَ حَيني واستفاضت ندبتي
ظمآن أطلبُ من حِياضكَ رغبتي / أتردّنــــــي وتردّ صادق توبتي
حاشاكَ ترفض نائياً حاشاكا
مالي سوى قَرعي لبابكَ مَوئلا / يا مَن إليكَ تمدّ أيديها المَلا
ها قـــد أتيتكَ إنتشلني مُعوِلا / يا ربّ جئتكَ نادماً أبكي على
ما قدّمتهُ يدايَ لا أتباكا
أرجو لزلّاتي إلهـــــــــــي واهباً / غفران ذنبــــي أرتجيكَ وراغباً
منكَ القبول فلا تردّني طالباً / يا ربّ عُدتُ الى رحابكَ تائباً
مُستسلماً مُستمسكاً بعراكا
قد أثقلتني ذي الشجايا والإحَنْ / لكنّما عفــــــــــــــــــو الإله بلا مِنَنْ
الذكر يروي والصحائف والسننْ/ مالي وأبواب الملوك وأنتَ مَنْ
خاقَ الملوك وقسَّمَ الأملاكا
يا مَن على العرش استوى إذ صامداً / ولجمع أفلاك السما مُتعاهداً
مالي سواك علــــــى هواكَ مواظباً / وبحثتُ عن سرّ السعادة جاهداً
فوجدتُ هذا السرّ في تقواكا
أفيا عبادي قُلتَ أن لا تقنطوا / وعلــــــــــــــــــى عبادهِ لا أراهُ يسخطُ
ولذا فإني في الهوى لا أُحبَطُ / فليرضَ عنّي الناس أو فليسخطوا
أنا لم أعد أسعى لغير رضاكا