علمنا أن تفعيلة المتدارك وبحره نتاج حقيقي رياضي لتبديلات الخليل الرياضية فجمع السبب مع الوتد ليس له إلا احتمالين ، الأول أن يكون الوتد أولاً يتلوه السبب وهو ما أنتج تفعيلة فعولن ، ووجد عليها الخليل شعراً أصيلاً فاهتم بها وبين أن بحرها التام يتكون من أربع تفعيلات متمائلة في كل شطر هي فعولن فعولن فعولن فعولن 3 2 3 2 3 2 3 2. وبتبديل موضع السبب بجعله يسبق الوتد تصبح التفعيلة الأساسية /*//* 2 3 فاعلن ويتألف بحرها من أربع تفعيلات منه كالمتقارب ، أي فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن 2 3 2 3 2 3 2 3 في كل شطر ، ولكن الخليل لم يجد أشعاراً عربية على هذا الوزن فأهمله لأن منهجه تطبيقي. ولما ذكره الأخفش من بعد الخليل سمي هذا البحر بالمتدارك لتداركه على الخليل ، وقد نظم عليه الشعراء في ذلك الوقت بعد تخبيبه بخبنه أو قطع وتده وجعلوا خطأ وحدته الوزنية (فعْلن /*/* 2 2 وفعِلن (2) 2 = 1 3 ) ولذلك جعلت كنب العروض الأولى ميزانه خببياً وأطلقوا عليه أسماء كثيرة سأبينها تحت عنوانها الخاص (الخبب والتخبيب).
وأما في هذا الموضع فالمجال لتوضيح خصائص البحر المتدارك الذي أهمله الخليل.
البَحْرُ الـمُتَدَارك
سبب التسمية : أنه تداركه الأخفش على الخليل الذي أهمله. وقالوا يجوز في تسميته كسر الراء : المُتَدارِكُ (وزن اسم الفاعل) بمعنى أنه اقترب وتدارك من بحر المتقارب فالتحق به . فأصل تفعيلته فاعِلُن (/*//* 2 3) بينما تفعيلة المتقارب فَعولن (//*/* 3 2) فكل منهما مؤلف من سبب ووَتِد والفرق في التأخير والتقديم بينهما فالسبب هو المتقدم في البحر المتدارك والعكس في الثاني .
ومن الأسماء الأخرى التي أطلقت عليه خطأ : المختَرَعُ والمُتَّسِقُ والشقيق والمُحْدث والغريبُ والمتقاطر والمتداني والخبب.. وقد ذكرناها للاطلاع فهي أسماء غير شائعة ولكنها قد ترد فيجب ذكرها للعلم بها وعدم خلطها مع غيرها .
الاستعمال : يمكن استعمال هذا البحر كاستعمالات المتقارب، وعند الإكثار من خبن تفعيلته يقترب لحنه كثيراً من لحن الخبب الإيقاعي الراقص . ويستعمل تاماً ومجزوءاً .
البحر المُتَدارَكُ التّامُّ:
التفعيلة الأصلية الخماسية : فَاعِلُنْ (/*//* 2 3) تتكرر ثماني مرات في البيت الواحد .
فاعِلُنْ فاعِلُنْ فاعِلُنْ فاعِلُنْ = فاعِلُنْ فاعِلُنْ فاعِلُنْ فاعِلُنْ
/*//* /*//* /*//* /*//* = /*//* /*//* /*//* /*//*
2 3 2 3 2 3 2 3 = 2 3 2 3 2 3 2 3
ومثال النظم عليه في كتب العروض:
جَاءَنا فارِسٌ مقْبِلاً مُدبِراً =راكباً مَرْكَبَاً حاملاً رُمْحَه
ويجوز في هذا البحر الخبن فقط في التفعيلة فاعلن فتصبح فَعِلن ///* (1 3 ) في أي مكان من البيت، ويجوز القطع أو التشعيث في الضرب فقط فتصبح تفعيلته فيه بوزن (فعْلن 2 2 ) وتوجب الالتزام بها.
نظرة العروضيين القدامى
اعتبر العَروضيون القدامى أن استعمال وزن المتدارك بصورته الأصلية شاذ لقلته . ولذلك خلطوه بالخبب ، وقد ضبط الحِلِّيُّ وزن هذا البحر المستخدم على ميزان الخبب بقوله :
حركات المحدث تنتقل ... فعِلن فعْلن فعِلن فعِلن.
وقد ذكره حازم القرطاجني بوزن :
مُتَفاعِلَتـُن مُتَفاعِلَتـُنْ = ///*///* ///*///*
وقد نسبت الأبيات التالية للخليل بن أحمد الفراهيدي على هذا الوزن :
سُئِلوا فَأَبَوا فَلَقَد بَخِلوا = فَلَبِئسَ لَعَمرُكَ ما فَعَلوا
أَبَكَيتَ عَلى طَلَلٍ طَرَباً = فَشَجاكَ وَأَحزَنَكَ الطَلَلُ
وبذلك نشأ اللبس بين الوزن البحري في هذا البحر مع وزن الخبب.
وأصبح واقع دراسة هذا البحر من أكثر البحور خلافاً بين العروضيين حتى ذهب بعضهم إلى تسميته مثلث برمودا العروضيين (منطقة الموت الـمحقق لأفكار كثير منهم قياساً على ما ذهب إليه المتقدمون).
ففي مجال الجوازات أجاز البعض خطأ : فاعلُ /*// ، وفعْلن /*/* في الحشو. ومنهم الباحث والأديب والشاعر الفلسطيني المعاصر "محمود مرعي" فقد وضع له مفتاحين :
المفتاح الأول: يُظهر تفاعيل البحر على أصلها :
أدرَكَ الشِّعرَ مَن بالخليل ِاقتدى = فاعِلُنْ فاعِلـُنْ فاعِلـُنْ فاعِلـُنْ
المفتاح الثاني يضم جميع أشكال تفاعيله :
في المُتَدارَكِ الوزنُ العَجَبُ = فاعِـلُ فاعِلـُنْ فـَعْـلـُنْ فـَعِـلـُنْ
فاعلُ فاعِلُن فَعْلُن فَعِلُن = /*// /*//* /*/* ///* 2 (2) 2 3 2 2 1 3
وبذلك أجاز : فاعلُ فَعْلُن = وفعْلُن فَعِلُن /*/* ///*
وبذلك خلط المتدارك مع الخبب في مفتاحه الثاني بما لايجوز.
العروض والضرب في المتدارك:
لما كان العروض والضرب يتحددان بما هو متوفر من قصائد شعرية، وهذه غير متوفرة بما يسمح برصد عروضه وضربه سوى بالاجتهاد، وقد أمكن رصد الاحتمالات الممكنة التالية:
أولاً - عروض سالمة بوزن فاعلن 2 3 وتحتمل أربعة أضرب :
1- سالم بوزن فاعلن 2 3
يا حبيباً سرى في دياجي الفلا= وعلا بدره عارجاً في العُلا
أيقظ القلب من نومه صاحياً= وانبرى يقظاً سابقاً للأولــــى
2- سالم مردوف مذيَّل وزن فاعلان : 2 3 ه
مُـحْزَنٌ عيدُنا ضجَّ فيه الدعاء = والشهيد ارتقى مخْضَبَاً بالدماءْ
والدموع جرى نهرها جارف = والنجوم بكت في أعالي السماء
3- مخبون فعلن : 1 3
مسعفاً قلبه بدواء الجوى = منقذاً جسمه من لظى الرَّهَقِ
مكرماً حقه مانعاً ذله = ويداعبه بالهوا الطلق
4- مقطوع بوزن فعْلن : 2 2
يا منيراً سرى في دياجيها... واعتلى أفقاً من مراقيها
نوره ألق في السما مبهجاً ... فترى بدره قد علا فيها
ثانياً – عروض مخبونة بوزن فعِلن 1 3 ويحتمل ثلاثة أضرب :
1 – مخبون مثلها فعِلن 1 3 :
وامتطى مشرعاً بزوارقه = وبواخر تـَحفظُ مِنْ غرق
2 – مقطوع بوزن فعْلن 2 2
والسحاب همى قطره غدقاً = فجرى نهره في روابيها
والعيون همت في سحائبها= والدموع جرت من مآقيها
.
1- سالم بوزن فاعلن 2 3
والشهيد التقى ربه فرحاً = بلقاء الإله طغى فرحه
يرتقي في العلا عطره عبقاً = في أعالي الفضاء علا صرحه
جوازات العَروض والضرب:
إذا كان العروض والضرب بوزن فاعلن 2 3 فيجوز الخبن فيها، لكن الأفضل الإقلال من ذلك لاتساق الوزن. وإذا التزم الشاعر الخبن (فعِلنْ) في العروض والضرب، أو القطع (فَعْلن) في الضرب (علة ملزمة أصلاً) ،فالأولى عدم خلطها بالأوزان الجائزة الأخرى.
جوازات الحشو في هذا البحر :
لا يجوز في حشو هذا البحر إلا (الخَبْنُ) وهو حذف الثاني الساكن- ساكن السبب- فتتحول فاعلن /*//* 2 3 إلى فَعِلُنْ ///* 1 3
هذا الجواز متفق عليه عند جميع العروضيين، وقد تكون جميع التفعيلات مخبونة فيلتبس مع الخبب. ولذلك نهى بعضهم عن هذا الجواز على جميع التفعيلات لتمييز البحر عن الخبب.
الخلاصة :
تفعيلة بحر المتدارك (فاعلن) مكررة في الشطرين 8 مرات ، وجوازها فعِلن ///* 1 3 في الحشو والعروض والضرب ، وفَعْلن /*/* 2 2 ، في الضرب فقط وعندئذ يجب التزامه. وإنَّ زحاف جميع أسبابه يجعله ملتبساً بوزن الخبب ، وذهب بعض الرقميين إلى وجوب المحافظة على تفعيلة فاعلن في العروض أو الضرب وعدم جمع العروض بوزن فعِلن 1 3 مع الضرب بالوزن ذاته في البيت نفسه.
نموذج للقرض على بحر المتدارك على تفعيلته وجوازاتها:
يقول راشد الحبْسي العماني (العصر العثماني)
كنْ مُجيداً لِمدْحِ النبيِّ تنَلْ = ما تُحِبُّ، وتبلُغْ بذاكَ الأمَلْ
فمَديحُكَ للمصطفى سبَبٌ = لبلوغِ مُناكَ بغيرِ حِيَلْ
فمُحمّدُ أزكى الورى حسَباً = وأعزُّ وأرقى الأنامِ عَمَلْ
فعَليهِ صلاةُ إلهِكَ ما = مطَرٌ مِنْ خلالِ السّحابِ هَمَلْ
ويقول الحساني (حسن عبد الله) في ذكرى العقاد:
سيِّداً كانَ ، كمْ شاقَنا صوتُه = نافِذاً في جَوانحِنا ، سيِّدا
كان؟ كلاّ، فما زال، ها هو ذا = صوتُهُ في مسامعِنا أمردا
حيثما كنتَ يلقاكَ منـــه رفيـ = ـقٌ ، إذا ما استعنتَ بهِ أنجدا
لا تقولوا وهِمْتَ، دعوني مع الـ = ـوهْم أُكْمِلُ في وهْميَ المشهَدا
ولي قصيدة لي قلت فيها :
يا حبيباً سرى في دياجي الفلا = وعلا بدره عارجاً في العُلا
أيقظ القلب من نومه صاحياً = وانبرى يقظاً سابقاً للأولــــى
وطغى نوره في السما ساطعاً = كشهاب مضى مسرعاً فاختلا
وهذه أبيات بضربين فعْلن 2 2 وفعِلن 1 3
ومضة قرب (ضرب 2 2)
في طواف مع الخلق في السِّرْبِ = رحمة وقَرَتْ من هدى الرَّبِّ
في مهابته كان يغمرنا = من هداه سرت نعمة القُرْبِ
في مناجاته جلَّ تكرمة = كوميض سرى النور في القلبِ
---------
ومضة قرب (ضرب 1 3)
فاعتراني صدى ذكره مبهجاً = وحمدت له مظهراً أرَبي
مهجتي شغفت في هدايته = ترتوي منه في العلم والأدَبِ
سلَكَتْ دربَهُ بسباقٍ جرى = كسباق الحلائب بالـخبب
والوزن التالي ثنائي الانتماء
ينتج عن مزاحفة جميع التفعيلات:
الفتنة المسخ
هطلت بـمروج مرابعنا = سُحُب مزجت لهباً بدم
ذهبت بثمار مزارعنا= قصفت بقنابل من حمم
نثرت حجراً، طردت بشراً= ولجوا بمجامر من خيم
مَجْزوء المتدارك :
لم يعرف مجزوء المتدارك إلا عند المتأخرين، (ويطلق عليه بحر الرجد عند النبطيين) وهو كالبحر المتدارك ولكن حذفت منه تفعيلة من كل شطر (مصراع) حسب قواعد العروضيين، وله ثلاثة أضرب، الصحيح والمُذيَّل والـمُرفَّل ، فيصبح وفق النماذج التالية :
النموذج1 : العروض والضرب سالمين (صحيحان) : (فاعلن /*//* 2 3)
فاعلن فاعلن فاعلن = فاعلن فاعلن فاعلن
/*//* /*//* /*//* = /*//* /*//* /*//*
2 3 2 3 2 3 = 2 3 2 3 2 3
مثال : قِمَمٌ ترتقي في العلا = تذْكُر الخالقَ السرمدا
والبشير أتى مرشداً = ولرب الورى وحَّــدا
النموذج 2 : ضرب مُذَيَّل (فاعِلانْ 2 3ه) بإضافة سكون على الضرب ،(ويكون مردوفاً).
فاعِلُنْ فاعِلُنْ فاعِلُنْ = فاعِلُنْ فاعِلُنْ فاعِلانْ
/*//* /*//* /*//* = /*//* /*//* /*//**
2 3 2 3 2 3 = 2 3 2 3 2 3 ه
مثال: هذه ربوة أزهرت = رفرفت في سماها الطيور
واعتلت في السما تزدهي= خافقاً قلبها في حبور
النموذج 3 ضرب مرفل (فاعلاتن 2 3 2 )، بإضافة سبب على الضرب.
فاعِلُنْ فاعِلُنْ فاعِلُنْ= فاعِلُنْ فاعِلُنْ فَاعِلاتُن
/*//*/*//* /*//* = /*//*/*//* /*//*/*
2 3 2 3 2 3 = 2 3 2 3 2 3 2
مثال : ولتكن للورى هادياً = فالهدى شعلة في الظلامِ
النموذج 4 : بخبن الضرب على وزن : فَعِلاتُنْ والتزامه (ويأتي مردوفاً)
فاعِلُنْ فاعِلُنْ فاعِلُنْ = فاعِلُنْ فاعِلُنْ فَعِلاتُن
/*//* /*//* /*//* = /*//* /*//* ///*/*
2 3 2 3 2 3 = 2 3 2 3 1 3 2
مثال : والذنوبُ طغت، مَنْ لها؟ = غافر للذنوب غفور
حوازات الحشو والضرب كما في التام (فَعِلُنْ – فعِلاتن - فعِلان)
ومن الشعراء المعاصرين من نظمه على تفعيلتين في كل شطر،
كقول أبي القاسم الشابي :
اسْكُني يا جِراحْ = واسْكُتي يا شُجُونْ
ماتَ عَهْدُ النُّواحْ = وزَمَانُ الجُنُونْ
وأَطَلَّ الصَّبَاحْ = مِنْ وراءِ القُرُونْ
وقوله:
في فِجاجِ الرَّدى = قَدْ دفنتُ الأَلمْ
ونثرتُ الدُّموعْ = لرِيَاحِ العَدَمْ
واتَّخذتُ الحَيَاةْ = معزفاً للنَّغَمْ
وقول مصطفى صادق الرافعي :
شفنّي بعدُ من = لم يئنْ قربُهُ
شادنٌ لم يزل = قاسياً قلبهُ
إن يقولوا لهُ = مضَّه حبُهُ
قال عذري الهوى = والهوى ذنبهُ
وهذه نماذج مجزوء المتدارك للمؤلف
وجه التقِّي ( متدارك مجزوء)
هل نظرت لوجه التقي؟ =كشعاع ينير السماءْ
باسمٌ وجهه ألقٌ = فيزيد السماء بـَهاءْ
وكذلك تهدي الورى = فتزيد القلوب صفاءْ
================
هل نظرت لوجه التقي؟ = بشعاع ينير السماءَ
باسمٌ وجهه ألقٌ = فيزيد السماء بـَهاءَ
وكذلك تهدي الورى = فتزيد القلوب صفاءَ
================
هل نظرت لوجه التقي؟ = نوره نجمة الزهْرةْ
وجهها باسمٌ ألقٌ = مشبهاً بهجة الدرَّةْ
جل نجم يدل الورى = لسبيل زها خضْرةْ
=========================
فتنة كاللظى (متدارك مجزوء)
وطن في أفول = واعترته السيول
فتنة كاللظى = فوق ظهر الخيول
والظلام جثا = والسيوف تصول
والدماء جرت = في الربى والسهول
وزن الخبب وأنماطه:
الخبب وزن بلا وتِد:
كان يطلق وزن الخبب على البحر المتدارك ، والرقميون المتأخرون يعتبرونه وزناً وليس بحراً لعدم وجود أوتاد فيه ، ولذلك لا يوجد لهذا الوزن دليل رقمي للبحر ، لأن وزنه يعتمد على تتالي الأسباب بنوعيها الخفيف والثقيل ، ولا يوجد تفعيلة وتدية. ويخلط الكثيرون بين هذين البحرين. ولا يزال بعض العروضيين يطلقون عليه اسم بحر لسعته وكثرة استعمالاته في الشعر الحدبث.كما أن الشاعر يمكنه أن يعتمد فيه هيئة معينة من تتالي الأساب المتحركة فيصبح معتمداً على الكم مع الهيئة معاً.
يعتمد النظم العمودي الأساسي في وزن الخبب على ثمانية أسباب خفيفة ثابتة في كل شطر يمكن وزنها بنموذج :فَعْلُنْ فَعْلُنْ فَعْلُنْ فَعْلُنْ 2 2 2 2 2 2 2 2
ووضع خط تحت رقم السبب الخفيف يعني أنه قابل للتحول إلى سبب ثقيل (1 1) ، ولا يجوز في هذا البحر حذف السواكن بل يجوز تحريكها فقط.
ومن هذا المبدأ يقول الرقمي بنظرية التكافؤ الخببي وتعني أن (2) = 2 في الوزن الخببي لأن أياً منهما يمكن أن ينقلب للثاني دون تأثر الوزن. فلو قلتُ بَحَرٌ = (2) 2 = بَحْرٌ = 2 2.
وبسبب هذه الخاصة نجد في هذا الوزن من الفواصل الثلاثية ///* 1 1 2 = (2) 2، والخماسية /////* 1 1 1 1 2 = (2) (2) 2 .. (عدد المتحركات فيها فردي) ولهذا اعتمدوا هذا البحر أساساً من أسس نظم الشعر الحر الذي لا يعتمد على التفعيلات التقليدية المدرسية الخليلية. ويعتبر الآن من أكثر البحور استخداماً في الشعر الحديث الحر.
وبما أن عدد الأسباب في كل شطر ثابت ولا تزاحف بحذف الساكن كان اعتماد هذا البحر على الكمِّ من الأسباب بلا هيئة وتدية منتظمة على شاكلة معينة. ولكن الشاعر يمكنه أن يحرك السواكن في مناطق معينة فيأخذ الخبب إيقاعاً جميلاً فيجمع بين الكم والهيأة.
ولذلك صنف بعض العروضيين المهتمين بالإيقاع الموسيقي بحر الخبب العمودي وفق ثلاثة أنماط موسيقية:
النمط الأول :ويسمى (الخبب الأول) ويعتمد على تكرار وزن (فاعلُ) /*// 2 (2) (مجموع سببين خفيف وثقيل) أربع مرات في كل شطر والوزن الأخير بوزن فعْلن /*/* 2 2 لأن العرب لا تقف على متحرك. مثلاً : فاعلُ فاعلُ فاعِلُ فعلن 2 (2) 2 (2) 2 (2) 2 2 ، و تكون العملية الممكنة على هذا الوزن بتسكين المتحرك الثاني من السبب الثقيل (2) = 2 مثل :
باسق نخل ناضج طلح =في زهو يعلو بشعاري
2 (2) 2 2 2(2) 2 2 .. 2 2 2 2 2 (2) 2 2
سامحْ وامحُ الغلَّ لترقى= فردوساً في أعلى الـجَــنَّهْ
2 2 2 2 2(2) 2 2 = 2 2 2 2 2 2 2 2
وأما من الناحية الموسيقية في هذا النموذج يفضل تجنب خلط وزن فاعلُ /*// 2 (2) مع وزن فعِلنْ ///* (2) 2 ، مثلاً : 2 (2) (2) 2 ، لأن سياق أو اتجاه الحركات فيها متعاكس ( يسمى هذا الخلط بالخبب القزم أو المقزم وهو الذي يحتوي على تفعيلتين مختلفتين في مسارهما الإيقاعي) .، ولذلك من كان يعد قصيدته للغناء فلينتبه لهذه الناحية.
النمط الثاني : (الخبب الثاني)، يجمع الوزنين: فعِلن ///* وفَعْلُن/*/* أي 2 2 مع (2) 2
مثلاً :
أمم سقمت صارت تكبو = ورؤوس ماجت كالبحر
///*///*/*/*/*/* = ///*/*/*/*/*/*/*
(2) 2 (2) 2 2 2 2 2 = (2) 2 2 2 2 2 2 2
ويجوز أن تكون كلها على وزن فَعِلن ///* وفي هذه الحال تلتبس مع المتدارك ، وتفرق بوجود تفعيلة فاعِلن /*//* في القصيدة فيكون البحر هو المتدارك وتكون فعِلن ///* من جوازاته.
النمط الحيادي : قد تكون جميع الأوزان من وزن فعْلن 2 2 . وعندئذ يمكن أن تعتبر تابعة لأي من النمطين ويحدد المنشد طريقة إنشادها إما وفق النمط الأول ( النبر على السبب الأول) أو وفق النمط الثاني (النبر على السبب الثاني).
مثال : باقاتٌ من زهر فاحت = طيب في قلبي قد جُنَّــهْ
/*/*/*/*/*/*/*/* = /*/*/*/*/*/*/*/*
2 2 2 2 2 2 2 2 = 2 2 2 2 2 2 2 2
ويجوز خلط النمط الحيادي مع أي من الوزنين الخببيين فاعلُ /*// أو فَعِلن ///* . في القصيدة الواحدة
هذه أبيات من قصيدتي البحر : تضم النماذج الثلاثة بدون مزج.
في غضبٍ لله غيورٌ = يَـجْمحُ غضباً كالثـــــوار
أمواجٌ كجـــــبال سارت = سيــرأً كخَـــمُورٍ دَوَّارِ
إنْ يغضبْ يرعدْ أو يزبدْ = يقذفْ موجاً من إعصار
لا تركب بحراً في ترف = واقصد رزقاً من جَـبَّار
إن تركب بــحراً مضطراً = فاخلص هدفاً في المشوار
الخببُ المُقَزَّمُ أو القَزِمُ :
يقصد به لحن الخبب ذو الاتجاه المتعاكس في سير الحركات ، ويلاحظ في جوازات مستعلن 2 (2) 2 في الرجز ، ومثلها في البسيط مع جواز فعِلن فيه.
مثلاً في الرجز يجوز فيه وزن: مستعلن مستعلن مستعلن2 (2) 2 2 (2) 2 2 (2) 2
وكذلك في البسيط :
إذا طويت تفعيلة مستفعلن وخبنت تفعيلة فاعلن في البسيط آل البحر إلى الوزن التالي:
مستعلن فعِلن مستعلن فعِلن.. = 2 (2) 2 (2) 2 2 (2) 2 (2) 2
فنلاحظ اجتماع فاعلُ /*// مع ///* في الوزنين ولذلك يصنف من الخبب المقزم
مثال تطبيقي على الخبب المقزم:
منتظراً أملي مستتراً خجلاً = منتعشاً نشطاً مرتعشاً وجلاً
.
أذكر هذه الفائدة ليحدد الشاعر مقصده من القصيدة فإذا كانت معدة للغناء فيجب الأخذ بهذه النصائح الصوتية اللحنية للتيسير على الملحن وتحديد جمالية الإيقاع.
نماذج خببية يتجاوز فيها تتالي الحركات إلى خمسة
يقول محمود حسن اسماعيل:
بِثُمالَةِ قَدَحٍ مَفْتونِ = يَتَرَنَّحُ في كفِّ السّاقي
(2) 2 (2) (2) 2 2 2 2 =(2) 2 (2) 2 2 2 2 2
ويقول نزار قباني:
إنّي لا أومِنُ في حُبٍّ = لا يَحْمِلُ نَزَقَ الثُّوّارِ
2 2 2 2 (2) 2 2 2 = 2 2 (2) (2) 2 2 2
وتساعد هذه القاعدة في كتابة الشعر السطري الحر فلا يوجد عدد معين من الأسباب في السطر الواحد، والمهم أن يكون عدد المتحركات فردياً قبل أي ساكن. ولكن يفضل عدم تجاوز خمسة حركات متتالية .
اقرأ هذه العبارة التي قد تبدو لك نثراً ، ولكنك لو قطعت وزنها ستجدها موزونة على الخبب:
أصبحت الساعة تتراءى للناس من الهمّ وقد ذاقت أصنافَ البلوى .
/*///*/*/////*/* /*/*///*/*///* /*/*/*/*/*/*/*
= 2 (2) 2 2 (2) (2) 2 2 2 2 (2) 2 2 (2) 2 2 2 2 2 2 2 2
حكامٌ أثقلت الدنيا كاهلهم، بل طمس الرّانُ بصيرتهم.
/*/*/*/*///*/*/*/*///* /*///*/*///*///*
= 2 2 2 2 (2) 2 2 2 2 (2) 2 2 (2) 2 2 (2) 2 (2) 2
ذهب رفيقي في جعبته وردٌ وكراريسُ بحور من شعر الغزل السادي ، ينفث بدم الشفة الخجلى...
= (2) (2) 2 2 2 2 (2) 2 2 2 (2) 2 2 (2) 2 2 2 2 (2) 2 2 2 2 (2) (2) 2 (2) 2 2 2
/////*/* /*/*///*/*/* ///*/*///*/* /*/*/* ///*/*/*/*/////* ///*/*/*
لاحظ أن عدد الحركات قبل أي ساكن فردي العدد.
وبعد أن يتأكد الشاعر من ضبط وزن عباراته يقطعها وفق أسطر حسب ما تثيره كل عبارة من انفعال أو مدلول ، وقد يجعل لها في بعض الأسطر حروف روي ثابتة أو متنوعة أو متناوبة
خلاصة التفريق بين المتدارك والخبب
المتدارك بحر وتدي لا يتوالى فيه سببان بحريان فأكثر في الحشو ، ويمكن أن يوجد ذلك في الضرب بقطع 2 3 وتحويلها إلى 2 2 .
الخبب مجموعة أسباب خفيفة وثقيلة لا وتد بينها ، وقد تتوالى فيه أكثر من ثلاثة أسباب خفيفة ولا حد ولاقيد على ترتيب ترافقه بالأسباب الثقيلة.
حوار عن الخبب عند الشعراء في الرقمي على الرابط
https://sites.google.com/site/alarood/khabab-poets
(... لو افترضنا - جدلا - أن وحدة إيقاع الخبب ( تفعيلته في رأي كثيرين ) هي فعْلُنْ =22 يكون لدينا للخبب الوحدات (التفاعيل في رأي كثيرين ) التالية الناجمة عن أشكال إحلال سبب ثقيل محل السبب الخفيف
2 2 = 4 =فعْ لُنْ
11 2 = (2) 2 = ((4) = فعِ لُنْ
2 11 = 2 (2) = (4)) = فعْ لَنُ (فاعلُ)
11 11 = (2) (2) = ((4)) فَعِ لَنُ – أو فَعِلَتُ=1111-
ووجود القوس المزدوج في جهة ما يعني وجود السبب الثقيل بمتحركيه في تلك الجهة. وهذا يذكرنا بأنّنا عندما نرمز لمتَفاعلن بـِ((4) 3 نشير إلى الطبيعة الخببية لسببها الأول وذلك ضمن ازدواج انتمائه للإيقاعين الخببي والبحري.
تورد كتب العروض في شواهد المتدارك البيتين
1-إن الدنيا قد غرّتنا= واستهوتْنا واستلْهتنا =22/22/22/22
2- أَبَكَيْتَ على طَلَلٍ طَرَباً =فشجاك وأحزنك الطّللُ =31/31/31/31
ويبين بعضها أحكام العروض والضرب الخاصة بالمتدارك من هذين البيتين دون الأخذ بعين الإعتبار تغير كافة التفاعيل
عن تفعيلة المتدارك فاعلن= 2 3 إلى فعِلن= 1 3 أو فعِلن =11 2 = 1 3 = (2) 2 ، وعليه يمكن أن ينسب البيت الثاني إلى كل من
الخبب والمتدارك، بخلاف البيت الأول فهو من الخبب وهذا إيقاع قائم بذاته، والأدلة على ذلك:
1- أنه لم ترد فيه تفعيلة واحدة فاعلن= 2 3 تامة في حشوه أو عروضه أو ضربه
2-فعِلن=31 تأتي في بيت واحد مع فاعلن=32، فيكون الوزن من المتدارك ويمتنع دخول فعْلن=22 كما يمتنع دخول فاعلُ أو فعْلِنُ = 2 11 = (4)).
3- وما من وجه يمكننا فيه إرجاعه فاعلُ =112 إلى فاعلن، إلا بافتراض وجود تفعيلة فاعِ لن =212 وعندها يجوز أن تزاحف بما يمكن أن نطلق عليه كف الخماسي لتؤول إلى فاع لُ=112 ( فا=2،عِ=1،لُ=ا ) بعد حذف ساكن
السب الأخير . وفي ذلك - إن صح - دليل على افتراق البحرين لا توحدهما.
ولتوضيح ما تقدم خذ البيت
يا ليل الصب متى غده = أقيام الساعة موعده
22/22/31/31 31/22/31/31
لو أدخلنا عليه فاعلُ ليصبح العجز:
(هلْ نذُ ) الساعة موعده 2 1 1 /22 / 31/ 31
ولو أدخلنا عليه فاعلن ليصبح العجز:
(هلْ قيام) الساعة موعده 2 3 2 2 1 3 1 3
فانظر الفارق في تقبله لـ فاعلُ=2 1 1 = 2 (2) وتأبّيه على فا عـِـ ــلن=2 1 2 ، والأصل في هذا أن لا وتد في الخبب (1 2 ).
(يمكن النظر لهذا الوزن على أنه من موزون الخفيف 232-312-31 لمن يأخذ بالوتد المفروق أو من الخفيف لمن لا يأخذ بالوتد المفروق)
الخبب إيقاع مستقل بذاته ولْنصفه (بالخببي) في مقابل الإيقاع (البحري) الذي يشمل كافة البحور.
وكمثال إليك البيت التالي وهو شاهد الخبن في المديد
ومتى ما يع منك كلاما = يتكلمْ فيجبك بعقْلِ
1 3 2 – 1 3 – 1 3 2 = فعلاتن فعِلن فعلاتن
ولو قطعناه على النحو = 1 3 – 2 11 – 2 11 – 22
= ((4) (4)) (4)) 4 لكان هذا من الخبب. والبيت فيه القابلية لكلا الوزنين.
وفي النص المحرف التالي هو من المديد فحسب لاحتوائه على الوتد في (32) في الصدر
إنّهُ (و) إنْ يع منك كلاما يتكلمْ فيجبك بعقْلِ
2 3 2 – 1 3 – 1 3 2 1 3 2 – 1 3 – 1 3 2
ولو قرأنا (إنّهُ) دون إشباع للضمة الهاء لكان من الخبب لا غير لاحتوائه 2 11 في الصدر ويجوز حينئذ أن يحل
أي سبب خفيف أو ثقيل محل الآخر
2 11 – 2 11 -22- 1 3 2 2 – 11 2 – 11 – 2 2
إنّهُ إنْ يعِ مني كَلِماً يفْهَمْهُ (و) فيجيبُ بعقْلِ
ولو حاولنا توزيع المقاطع لتقارب تفاعيل المديد لكانت
2 1 3 – 1 3 – 2 1 3 2 2 2 – 1 3 – 1 3 2
وهذا ما أسمّيه (خبيب المديد ) ويمكننا اعتبار وزنه
= فاعلَتن فَعِلُن فاعِلَتُن فالاتن فعِلُن فعِلاتن
وتحسن الإشارة هنا إلى أن إطلاق كل من الخبب والمتدارك على الوزنين المذكورين مسألة إصطلاحية ، إذ أن كلا من الاسمين يطلق على كلا البحرين في الأصل، ولعل المتدارك ( المحدث ) أطلق في البداية على مكرر فعْلن وفعِلن ثم ضُمَّ إليه مكرر فاعلن.) انتهى النقل.
هل يكون الخبب وتدياً؟ (خبب البحور)
أصل هذه الفكرة خليلية فالبيت :
ما ولدت والدة من ولد = أكرم من عبد منافٍ حسباً
2 (2) 2 2 (2) 2 2 (2) 2 = 2 (2) 2 2 (2) 2 2 (2) 2
نسب الخليل هذا الوزن لبحر الرجز، بينما ظاهر تقطيعه خببي .
فكيف ينتج الخبب عن بحر وتدي؟
يمكن أن ينتج وزن الخبب كما تسمعه الأذن من بحور الخليل وغيرها (باستثناء الكامل والوافر والهزج والخفيف والمنسرح) بمزاحفة الأسباب المناسبة الممكنة قبل الأوتاد، على أن تبقى الأوتاد الأصلية سالمة ، ويكون مثل هذا الخبب ذو توزيع إيقاعي بحري لبقاء الأوتاد الأصلية ثابتة. ولننظر النتائج :
خبب المتقارب:
وزن البحر المتقارب : فعولن فعولن فعولن فعولن= 3 2 3 2 3 2 3 2
فإذا زوحفت جميع الأسباب الحشوية نتج الوزن :
فعولُ فعولُ فعولُ فعولن = 3 1 3 1 3 1 3 2
ويمكن حذف المتحرك الأول من الوتد الأول في هذا البحر: فيصبح الوزن:
= عولُ (فعْلُ) فعولُ فعولُ فعولن = 2 1 3 1 3 1 3 2 = 2 (2) 2 (2) 2 (2) 2 2
نلاحظ في إيقاع الخبب المتقاربي مزيج الإيقاعين السبب الخببي والوتد المتقاربي.
مثال : ماجدُ واجدُ يفتح بابه = في كرم ويزيد رحابه
أحمدُ يَحمده كحبيبٍ= يعبده ويصون كتابه
يسجد في فُسُحات عتيق = يرهبه ويخاف حسابه
إذا التزم الشاعر بهذا الوزن دون استخدام قانون التكافؤ الخببي (2) = 2 فإنه سيحصل على قصيدة تشمل الخاصتين الخببية والوتدية في آن واحد. وبهذه المواصفات يستحق وزن الخبب اسم بحر الخبب لوجود الصفة الوتدية الكامنة. وأما إذا استخدم خاصية التكافؤ الخببي فيكون قد هدم الجذر الوتدي فيفقد الصفة البحرية ويكون خبباً تقليدياً بإيقاعه الخببي.
خبب المتدارك
وزن البحر المتدارك : فاعلن فاعلن فاعلن فاعلن= 2 3 2 3 2 3 2 3
إذا زوحفت جميع الأسباب فيه كان الناتج :
= فعِلن فعِلن فعِلن فعِلن = 1 3 1 3 1 3 1 3 = الجذر الوتدي محفوظ
التقطيع الخببي= (2) 2 (2) 2 (2) 2 (2) 2
مثاله :
نُظِمَتْ قِصَصٌ وبها مَرَجُ = بمداخلها دخل الهَرجُ
وسمت برتابتها أسفاً = خبب يتدراكه الحرج
فنلاحظ أن الوزن الظاهري خببي ولكنه بإيقاع وتد تفعيلة (فاعلن) في المتدارك دون أي تدخل عليه ولم تستعمل خاصية التكافؤ الخببي . وبهذا الالتزام يستحق هذا الخبب اسم بحر لبقاء أوتاده سالمة.
تمثيل بصري للبيت : هطلت بمروج مرابعنا = سُحبٌ مزجت لهباً بدم
ملاحظة : يجوز هنا أن ينتهي البيت بوزن 2 2 فعْلنْ من باب جواز قطع التفعيلة الأخيرة في البحر الأصلي وليس من باب التخاب، أو التكافؤ الخببي. ( على أن يلتزم)، مثاله :
هطلت بـمروج مرابعنا = سُحُب مزجت لهباً بالدَّمْ
ذهبت بثمار مزارعنا= قصفت بقنابلها من سمْ
خبب الرمَل
وزن الرمل الأصل : فاعلاتن فاعلاتن فاعلاتن = 2 3 2 2 3 2 2 3 2
وزن الرمل المستعمل : فاعلاتن فاعلاتن فاعلن = 2 3 2 2 3 2 2 3
وبمزاحفة أسباب 2 3 يصبح الوزن :
خبب الأصل = فعلاتن فعلاتن فعلاتن = 1 3 2 1 3 2 1 3 2
خبب المستعمل = فعِلاتن فعِلاتن فعِلن = 1 3 2 1 3 2 1 3
وهذا وزن خببي اللحن = (2) 2 2 (2) 2 2 (2) 2
مثال على المستعمل: طُعنَ الحاكم في مهجته = ولظى جمرته مشتعلٌ
طفحت أبخرة من عبقٍ = وتلاها رعُبٌ يرتجلُ
خبب الرجز :
وزن الرجز مستفعلن ثلاث مرات = 2 2 3 2 2 3 2 2 3
فإذا طويت كلها (مزاحفة 2 3 )أصبح الرجز كما يلي :
مستعلن مستعلن مستعلن = 2 1 3 2 1 3 2 1 3 = 2 (2) 2 2 (2) 2 2 (2) 2
ويسمى مثل هذا الخبب عند بعض العروضيين بالخبب المقزم :
حامل همي قمرٌ من درر = أرسل رزقي جبلاً من ذهب
أشكره في عمل يبهجه = في مرحٍ يجرفني بالطربِ
ولقد مر سابقاً شاهد من شواهد الخليل : ما ولدت والدة من ولد =أكرم من عبد منافٍ حسباً
ويجوز أن ينتهي البيت بنهاية مقطوعة (مستفْعلْ 2 2 2)
حامل همي قمرٌ من درر = أرسل رزقي جبلاً معموراً
أشكره في عمل يبهجه = في مرحٍ يجرفني مشكوراً
النتيجة :
إذا التزم الشاعر بزحاف أحد البحور دون استخدام خاصية التكافؤ الخببي يمكن الحصول على أوزان خببية الظاهر وزناً مع تأثير الوزن البحري الأصلي في توزيع انتظام الأسباب الثقيلة والخفيفة وهو التأثير الوتدي الخفي الحقيقي . والحاصل أن مزاحفة الأسباب قبل الأوتاد في البحور تنتج خبباً بحري الطبيعة.
ومن الشكل التالي نرى أن وزن الشعر إما بحري وتدي أو خببي صافايان وهناك أشعار ثنائية الانتماء الوزني خببية وتدية في آن واحد
التخاب
التخاب كلمة تفيد معنى المشاركة، أو مشتقة من التخابُب، وهو تعبير يطلق في العَروض الرقمي على وجود السبب الخببي مجاوراً الوتد الأصلي بفاصل سببي بحري، وهو ما يوجد طبيعياً في فاصلة بحري الكامل والوافر . ففي الكامل فاصلة (2) 2 تجاور الوتد 3 الأصلي بعد الفاصلة (2) 2 3 ويكون هذا التجاور معكوساً في الوافر 3 (2) 2 , ويطلق التخاب أيضاً في باقي البحور عند التنافس بين الوزنين البحري والخببي في منطقة العجز بعد الأوثق (آخر وتد أصلي ثابت)، كإمكان وجود ثلاثة أسباب خببية متتالية 222 بعد الوتد الأوثق 3 2 2 2، (ليس أكثر من اثنين أو ثلاثة حسب البحر ويكون السبب الأخير خفيفاً حتماً ) ، وأما ما يتنافى ويتعارض مع التخاب فهو أن يبدأ البيت الشعري بـالمقطع 2 3 (سبب بحري يتلوه وتد) ، أو يكون في حشو البيت التسلسل البحري 3 2 3 .
مثال في بيت على الطويل بضرب محذوف :
أقيموا بني الصيداء عنا رؤوسكم= وإلا تقيموا صاغرين الرؤوسا
//*/* //*/*/* //*/* //*/* = 3 2 3 2 2 3 2 3 2
لو زوحف السبب قبل الوتد الأخير لتشكلت فاصلة خببية 3 2 3 2 2 3 1 3 2
يصح تقطيعها 3 2 3 2 2 3 (2) 2 2 وبالتكافؤ الخببي تصح النهاية 2 2 2
فلو قرئت نهاية الشطر الثاني (صاغرينَ الرّوسا ) أو (صاغرينَ رؤوسا) لجاز مستستغاً بالتخاب. لأن تقطع النهايتين سيكون صاغرينَ الرّوسا 2 3 2 2 2 أو صاغرينَ رؤوسا 2 3 (2) 2 2
ولبيان ما تقدم من معنى التخاب بعد الأوثق بشيء من التفصيل، أنقل الشرح من الرقمي على الرابط https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/jalt-4
(يشترط في التخاب بعد الأوثق أن لا يزيد عدد الأسباب الناجمة عن ذلك (الرقم الزوجي الناتج من جمع الأسباب المتجاورة ) بأكثر من سبب واحد عن أكبر رقم زوجي في أصل الوزن بحد أعلى هو الرقم 6، فإن زادت لم يجز ذلك في أي من الأسباب ، فإن توفر الشرطان (1-بعد الأوثق 2- عدم زيادة الرقم الزوجي عن أكبر رقم في أصل البيت بأكثر من 2 بحد أعلى 6) تكون المقاطع كلها بعده خببية يتكافأ فيها السببان الخفيف والثقيل عدا السبب الآخير فيكون خفيفا دوما. فبينما يأتي الوزن 3 2 3 4 3 1 3 2 ( في موزون مستساغ) = 3 2 3 4 3 6 (6=4 2) كما في قراءتنا لبيت الشعر:
أقيموا بني الصيداء عنا رؤوسكم= وإلا تقيموا صاغرين الرؤوسا
بإحلال (الرّوسا) أو ( رؤوسا ) محل كلمة الرّؤوسا= نرْ رؤو سا = 2 3 2
نرْ رو سا = 2 2 2 ، نَرُ ؤو سا = (2) 2 2 وكلاهما = 2 2 2
حيث الأوثق في كل من النصين هو 3
وإلا تقيموا صاغرين الرؤوسا ( صا غري نرْ روؤ سا ) = 3 2 3 4 3 2 3 2
وإلا تقيموا صاغرينَ الرّوسا ( صا غري نرْ رو سا ) = 3 2 3 4 3 2 2 2
وإلا تقيموا صاغرينَ رُؤوسا ( صا غري نَ رؤو سا ) = 3 2 3 4 3 1 3 2
الوتد الثابت قطعيا 3 هو الوتد الذي يستمد وتديته من ذاته : 3 الأحمر عندما يرد أصيلا في أول الشطر، وذلك في كل من الطويل والمتقارب والهزج والوافر والمضارع ، وبهذا نستبعد في 3 3 التي في أول البسيط الرقم 3 من الوتدية لمعرفتنا أنه من أصل زوجي.ونستبعد كذلك 3 التي في أول المقتضب لمعرفتنا أن أصلها زوجي = 3 2 3 2 2
ومن السبب غير المزاحف الذي يسبقه ( السبب الخفيف 2 غير المتحول إلى الرقم 1 – لا يأتي قبل الوتد مباشرة سبب ثقيل أبدا)
وفي حالة 2 3 3 في بحور دائرة المشتبه فهي = 2 1 2 3 كما في مثال المنسرح = 4 3 2 3 3 1 3 والسبب السابق للوتد مباشرة غير مزاحف.
ومن سياقه المباشر المتمثل في :
التركيب[1][10] 431 في البحور التي تحوي الرقم 4 في حشوها كما في:
البسيط = 4 3 { 1 3 4 } 3 1 3
الطويل = 3 { 1 3 4 } 3 { 1 3 4 }
الرمل = 2 3 2 { 1 3 4 } 3
الرمل = { 1 3 4 } 3 4 3
لأن التخاب هنا يعطينا الرقم 8 الذي يزيد بأكثر من 2 عن أكبر رقم زوجي في وزن البحر وهو 4
وفي التركيب 1 3 2 في البحرين الذين يقتصر حشوهما على الرقم الزوجي 2 وهما بحرا المتدارك والمتقارب ،
المتقارب = 3 {1 3 2 }3 {1 3 2 }
المتدارك { 1 3 2 } 3 2 3 2 3
لأن التخاب هنا يعطينا الرقم 6 الذي يزيد بأكثر من 2 عن أكبر رقم زوجي في وزن البحر وهو 2 ) انتهى.