أستاذة رغداء
ما شاء الله تبارك الله
كلام قليل لكنه جليل، في ذاته وفيما يستدعيه ويفضي إليه.
و سئل أبو العتاهية : هل تعرف العروض؟ فقال: أنا أكبر من العروض. وكان لسرعته وسهولة الشعر عليه ربما قال شعراً موزوناً يخرج به عن أعاريض الشعر وأوزان العرب.
كم في هذه الفقرة من العمق الذي يتلخص في النقطتين اللتين حواهما:
الأول:
تعبير أبي العتاهية : أنا أكبر من العروض
تعبير الرقمي : منطق الخليل أوسع مما أدركنا من تفكيره، وتفكيره أوسع من تفاعيله وبحوره
الثاني:
تعبير الأستاذة رغداء : " ربما قال شعراً موزوناً يخرج به عن أعاريض الشعر وأوزان العرب"
عرفت ( الموزون ) لتمييزه عن ( الشعر) وأرى تعريف الأستاذة هنا أجمل وأدق من تعريفي له. ولمزيد من الدقة أقول إنه تعريف جميل (الموزون) ومستساغه.
الأصل تفكير الخليل وتعابيره تعبير عنه، والتعبير غالبا يقصر عن الأصل، وفي حال الخليل فلعل سبب قصور التفاعيل عن التفكير أن التفكير يشمل احتمالات مطلقة، والتفاعيل مقصورة على ما وافق كلام العرب، وما لم يكن من تفكيره له شواهد من كلام العرب لم يذكره، وجاء الرقمي ليكشفه أو يقاربه.
ومن ذلك ما يتعلق بالنصين أعلاه
للمَنُونِ دائِرا ......... تٌ يُدِرْنَ صَرْفَها
2 3 3 3 .................2 3 3 3
منطق الخليل أن كل مقطع ينتج عن ترديده إيقاع:
1- السبب الثقيل أو ( 11) نحو (2) (2) (2)
ضحك ولعبا ............أكل وشربا
2- السبب الخفيف 2 نحو 2 2 2 2
طيفٌ يأتي ......... طول الوقت
3- الوتد المجموع 1 2 نحو 3 3 3
غدوتَ في الهوى ..........مرفرف اللوى
4- الوتد المفروق 12 نحو 2 1 – 2 1 – 2 1 – 2 1 – ه ( السكون لضرورة انتهاء الشطر بساكن)
للمَ – نونِ – داءِ – را تُ – نْ = 2 1 – 2 1 – 2 1 – 2 1 – ه
= 3 3 3 3 2
ومعاملة هذه المقاطيع على أنها تفاعيل أشبه بالعروض اليوناني.
http://www.geocities.com/khashan_kh/...k-prosody.html
----------------
عتب ما للخيال ...... خبريني ومالي
2 3 2 3 2 .............2 3 2 3 2
ثمة موضوعان في العروض هما الحذف ( أي حذف آخر 2 في الشطر) والحذذ ( أي حذف آخر 3 في الشطر )
كل كتب العروض تتناول الحذذ على أنه في الكامل
4 3 4 3 4 ............4 3 4 3 4
وقد رجعت إلى ما كتبته عن الحذذ مما هو مخطوط لدي فوجدت التالي ( والأرقام بين القوسين مقترنة بالحرف ص إشارة إلى كتب وصفحاتها):
الحذذ:
ورد تعريف الحذذ على أنه (3-ص45):" حذف الوتد المجموع من آخر التفعيلة".
وأنه (4-ص37):"حذف الوتد المجموع". وأنه (5-ص12):"ذهاب وتد مجموع من التفعيلة" وأنه (22-ص14):"هو حذف الوتد المجموع برُمَّته في (مُسْتَعِلُنْ) [يقصد مستفْعلن] فيصير (مُسْتفْ) فينقل إلى فِعْلن."
ولم ينص أحد من هؤلاء على أنه مختص بالكامل، وإن كان التمثيل له مقتصراً على متفاعلن=331، وتساءلت لماذا لم ينص أي منهم على ذلك، وهل ينطبق على غير الكامل بالطريقة التي ينطبق فيها على الكامل؟
يرد الحذذ في الكامل التام على صنفين
1-العروض متفاعلن=331 والضرب أحذ مضمر متْفا=22
2-العروض حذاء متَفا=31 والضرب أحذ مضمر متْفا=22
ويشبه الصنفَ الأول من حذذ الكامل المتقاربُ عندما تكون عروضه فعولن وضربه فعو. ومما يمكن النظر إليه على أنه على غرار الصنف الثاني من حيث الحذذ:
أ- ما بين المخلع والمنسرح عندما ننظر إلى وزن كل منهما على النحو التالي:
المنسرح =مستفعلاتن مستفعلاتُن(تُ) فعَل=234/234/3
المخلـع= مستفعلاتن مستفعلاتُن =234/234 أو 234/233
والشيخ جلال يرى المخلع كله من المنسرح لا البسيط (16-ص613)
ب-ما بين بعض السريع والرجز باعتبار وزنيهما
الرجز =مستفعلن مستفعلن مستفعلن =34/34/34
السريع=مستفعلن مستفعلن مفعو (مستف) =34/34/4
ج-ما بين البسيط ووزن الأبيات :
لكل شيء إذا ما تم نقص ........ فلا تغر بطيب العيش نفس
د- ما بين مجزوء البسيط والأبيات: يا بكرتي لا تجافيني =34/32/4
هـ- ولنا أن نحاول نظما من الطويل بحذف الوتد الظاهري الأخير وأسميته ظاهريا لأنه ليس وتدا حقيقيا بل ناتج عن قبض مفاعيلن، بل يصح أن يقال في هذه الحال حذف السببين باعتبار مفاعيلن هي الضرب ومن ذلك:
صعدْتَ لليلى قمة الجبل ..... ولم تتوانى عند مرتحل
وعدْتَ وفي الأسماع أغنيةٌ ...... كأن لمى ليلى من العسل
13/43/13/3 ....... 313/4/313
-ويغري هذا الوزن السلس بتدويره واستخراج الوزن التالي منه:313/313/4 وعليه:
غدوْتَ ولم تكن أبدا تغدو ....... فهلْ بزغت وهلْ قمراً تبدو-
وهو إن صح الوافر وكل من عروضه وضربه على وزن مفاعلَتُـن لحقها الخرم والقطف.
فهل يغير من هذه النظرة ما ذكره الدماميني (26-ص109) عن الحذذ:"ولا يكون إلأ في (متفاعلن) فإذن لا يكون إلا في الكامل كما صرح الناظم. وقال ابن برّي وتبعه الصفاقصي:ولا يكون إلا في (مستفعلن) المجموع الوتد و(متفاعلن). قلت:وهو غلط فإنه ليس لنا بحر فيه (مستفعلن) يدخل فيه الحذذ أصلا، وإنما يدخل في الكامل والاستقراء يحققه.……فإن قلت:سيأتي أن بعض العروضيين حكى للبسيط المجزوء عروضا حذاء مخبونة، وحكى أيضا استعمال المشطور من الرجز أحذ مسبّغا، فهذان بحران وقع في كل منهما الحذذ في (مستفعلن)، قلت هذا من الشذوذ بحيث لا يلتفت إليه ولا تبنى القواعد الكلية عليه."
إن فارق الوتد واحد في كل الحالات المذكورة ولا يعدو حذذ الكامل أن يكون واحدا منها سواء خصه هذا الاسم أم عمِّم.
وإن صح ما ذهبت إليه فلا يعدو الوزن
عتب ما للخيالِ = 2 3 2 3 2 أن يكون
مجوزء المتدارك الأحذ.
****************
إن وجدت شعرا على غير ما قالت العرب يميل إليه ذوقك فالتمس له تنظيرا يعتمد على عروض الخليل إن لم يكن على تفاعيله فعلى منطقه وتفكيره. وأنوه هنا بمجموعات الأخ سليمان أبو ستة. فإن وجدت لذلك وجها وإلا فاتهم ذوقك.
وأشير هنا إلى ما ذكره الأخ سامر سكيك من وزنين جديدين وناقشته على الرابط:
http://www.geocities.com/khashan_kh/70-assamiriy.html
ومن رأى التجديد فليلتزم منطق الخليل على الأقل إن لم يلتزم تفاعيله وليس بعد ذلك إلا الفوضى. ولنا هنا أن نختلف بالحجة والبرهان في تحديد منطق الخليل وتفكيره فيما يتخطى تفاعيله.
المفضلات