2-


تتنوع هذه الإبداعات بين المحققين العرب والفرس الذين يؤاخذون علی العروض التقليدي الخليلي بصعوبة ألفاظه ومصطلحاته. يقول الدكتور أحمد عبد المجيد محمد خليفة في مقدمة كتابه : «في الموسيقى الشعرية»:
"لا نعرف علما من العلوم العربية والإنسانية، قد اكتظ بغريب المصطلحات وجفافها، كما اكتظ بها عروض الشعر العربي وقافيته،.... كل ذلك دفع الكثيرين إلى الإعراض عن تعلم العروض والتنفير منه وإظهاره في صورة بغيضة وثقيلة، لا تتمشى معه طبيعة الشعر وما فيه من جماليات."
ويقول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة "الموقف الأدبي العدد 373 أيار 2002" :

وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية لتي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة لرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ. "
وقيل إن الحدود بين التفاعيل عامة وبين الأسباب خاصة، نتج عنها ابتداء التفاعيل وهي مصطلحات ووسائل إيضاح ما لبثت أن فرضت نفسها كذوات بل كأسس في تناول علم العروض، ونتج عنها أن تسمى الظاهرة الواحدة عدة أسماء حسب موقع السبب من حدود التفعيلة، كالخبن والطي والقبض والكف، ونظرا لأن كيان الوزن واحد تتأثر أسبابه بما يطرأ على بعضها البعض من تغيير، وصار لزاما أن يتم التعبير عن هذا الترابط بدلالة الحدود المصطنعة فرض هذا الاصطناع المبدئي اصطناعا آخر للغة وصف هذا التأثير المتبادل، كالتعاقب والتراقب، وهكذا وهكذا حتى تضخمت المصطلحات وأخذ الإلمام بها يتطلب جهدا كبيرا من الدارس على حساب الموضوع، هذا إضافة إلى ما لذلك من تأثير سلبي على انطباع المتعلم عن العروض. علی هذا، يميل المؤلف إلی تيسير العروض الخليلي وخضوعه لمعايير النقد العلمي باستغلال المناهج العلمية التطبيقية الحديثة، ويدعو إلی تنسيق جهود العروضيين العرب والفرس في نيل هذه الأغراض.
[ ألا تبدوا هذه الفقرة - بحرفيتها تقريبا - مألوفة لدى أهل الرقمي ؟ - ليت الكاتب الكريم أشار لمضدرها ]
إن هذه الاجتهادات تستحق التأمل ويجب عدم اعتبارها مناقضة لسمعة الخليل بن أحمد الذي سيبقی أسوة للعرب وغير العرب في اللغة والشعر.
هذا بالنسبة للعروض الخليلي. ونفس الاعتراض وارد علينا في الاكتفاء بما قام به العلماء السلف كالخليل بن أحمد في مجال المعجم العربي. «لقد ذكر الأستاذ جون هيوود في كتاب علم المعاجم العربية(ArabicLexicography. Brill.1965) في مجال حديثه عن ريادة العرب في علم العاجم أنه لو بعث حيا أحد الأوائل من علماء العربية اليوم لعقّدت الدهشةُ لسانَه لرؤية منجزات الحضارة المعاصرة. لكن شيئا واحدا من منجزات عصرنا هذا لن يدهشه، ذلك هو قاموس آكسفورد الكبير ذو العشرين جزءاً. إن الأمة العربية لم تفقد ريادتها في علم المعاجم فقط، بل - وهذه هي الكارثة - غاب عنها اليوم الدور الذي يقوم به المعجم المعاصر الموحد ليس فقط في نهضة المجتمع، بل وفي توحيد أبنائه فكريا وحضاريا. في القرن الثاني الهجري كان لدی الخليل بن أحمد روية مستقبلية تستطيع أن تحقق مثل هذه الأهداف، ولم يكن ينقصه سوی الحاسوب الذي يستيع أن ينسج له من حروف الألفباء التسع والعشرين قوائم تحتوي علی البلايين من صيغ الكلمات المجردة التي أنتجها النظام الذي اهتدی إليه. اليوم وفي القرن الخامس عشر ونحن نعاني من تشرذم لغتنا وتفرقها، لدينا مثل هذا الحاسوب، وبقي فقط أن نستلهم أفكار الخليل ورؤيته في استكمال المشروع الذي بدأه الخليل» (د. السعيد محمد بدوي.2005، ص14)
الخليل استنبط العروض من المقامات الموسيقية الإيرانية
موقف الباحث هذا يبتني علی الأصول التالية:
1.البنية التحتية للعروض والموسيقی مشتركة بين العرب والفرس
إن ما ذهب إليه بعض الباحثين العرب من أن كل إيقاع انسجم مع الذوق العربي فهو عربي مائة في المائة، ولا بد أن يكون الفرس قد اغترفوه (علی حد تعبير الدكتور سليمان أبوستة) من منهل الشعر العربي، فيه شيء من المغالاة، إذ إن بعض الإيقاعات الموسيقية تشترك بين السليقة العربية والسليقة الفارسية. والقول بأن الفرس تعلموا كل ما لديهم من الإيقاعات الشعرية من العرب فيه غلو واضح. كما أن مقولة اقتباس العروض الخليلي من العروض الفارسي أيضا غلو غير مقبول.
لكي أوضّح رأيي، أقارن هنا بين اللغة وبين الشعر. يعتقد معظم الألسنيين الجدد أمثال نعام تشومسكي أن اللغة أية كانت لها بنية عميقة تنطلق من صميم الروح الإنسانية، وتكون مطبوعة عنده بدون اكتساب. وربما هي التي أشار اليه الله تعالی في قوله ((خلق الإنسان علّمه البيان))- الرحمن -. ولذلك هي حقيقة مشتركة بين جميع أفراد الناس. لكن لها بنية سطحية أخری تتبلور عندما ينطق الإنسان عما في ضميره. وهو عند النطق يستخدم الألفاظ والمفردات التي تعلمها من بيئته. لذلك تختلف كل لغة عن نظائرها في هذه المفردات التي تجسّد تلك العلاقات الانتظامية الذهنية العميقة، وهكذا تتمظهر اللغات في شقوقها المختلفة من حيث الألفاظ والتراكيب.

والشعر لغة خاصة عند الإنسان، تعكس العواطف الجياشة والأحاسيس المرهفة في طيات النفس الإنسانية. وله بنية عميقة يتحد فيها جميع أفراد البشر عربيا أم أعجميا في كل المناطق والأدوار. لكنها لا تتجلی بصورة واحدة، بل بصور شتّی مقولبة بقوالب مختلفة هنا وهناك وبين حين وآخر.
والذي يمت من الشعر بصلة إلی هذه البنية العميقة فليس ملكا للعرب دون العجم ولا حكرا للعجم دون العرب، والناس سواسية في هذه الفطرة الإلهية المنتمية إلی الجمال والميالة نحو الفن ومختلف أنواعه كالشعر والموسيقی.

فإذا كان المقصود بالعروض الخليلي هو هذه الإيقاعات الموسيقية التي تجسّد تناغم الروح الإنسانية مع موسيقی الكون ونغمات الحياة، فهو مشترك بين العرب والعجم. لكن هذه البنية العميقة تطفو علی السطح لتتبلور في بحور وألحان تختلف كل طائفة عن الأخری في تذوق بعضها والنفور من البعض الآخر.

2. التصنيفات العروضية والموسيقية تنبعان من البنية الفوقية للحضارات، وهنا حصلت عملية الأخذ والعطاء بين العرب والفرس

وحيث إن الموسيقی الشعرية تجسّد أحاسيس كل قوم، لا يمكن إطلاقا أن ندعي بأن العرب علّم الفرس الشعر أو العكس. كما لا يدّعي أحد أن العرب علّم الفرس اللغة الفارسية أو العكس. بل الحق أن الأنظمة التعلمية تنحصر في البنی الفوقية، أي في ضبط قواعد اللغة أو الإيقاعات الشعرية. فلا تعلَّّمَ الفرس الشعر من العرب ولا تعلّمَ العرب من العجم. إنما التعلم والتعليم يخصان تقنين النغمات الموسيقية.

3. النظام التعليمي للعروض الفارسي مقتبس من العرب

والعلماء الفرس الذين أسهموا في تقنين قواعد اللغة العربية صرفا ونحوا وبلاغةً منذ أن اعتنقوا الإسلام وقدموا أمثال سيبويه والجرجاني، يعترفون بأن الفضل في تقنين العروض وابتكار مصطلحاته يرجع إلی الإمام خليل بن أحمد الفراهيدي رحمه الله.

وقد صرح بهذه الأسبقية شمس الدين الرازي من كبار العروضيين الفرس في القرن السابع للهجرة، عندما قال: إن صناعة الشعر من اختراع العرب والطبع العربي. والعجم في كل أبواب الشعر والعروض تابعون للعرب وليسوا مستقلين». (الرازي. 1371.81)

4. النظام التعليمي للموسيقی العربية متأثر بالفرس

إن بعض الباحثين الفرس يستندون إلی بعض المستندات التاريخية في إثبات أن الخليل أخذ هذا العلم عن الفرس لا بمعنی أن الفرس قننوا هذا العلم وابتكروه، بل بمعنی أن الخليل ابتكره باستلهام المقامات الموسيقية الإيرانية التي أتقنها وعرف معالمها.
وكما أن الأثر العربي علی العروض الفارسي واضح جدا من خلال المصطلحات العروضية العربية التي كنا نحن الفرس ولانزال نتسعملها في تدريس عروضنا (كالبحر والوزن والعروض والرمل والهزج و....)، كذلك الأثر الفارسي واضح علی الموسيقی العربية من خلال المصطلحات الموسيقية الفارسية التي كان العرب ولايزالون يستعملونها في نظامهم الموسيقي وبعضها كما يلي:
- الراست ويتفرع عن مقام الراست الأصلي عدة مقامات،

منها: مقام سوزناك: ومقام سوزناك جنس الجزعàفيه راست أما جنس الفرع هو حجاز علی النوى.
مقام ماهور: جنس الجزع فيه راست
à
مقام سوز آرا: أو السوزدلار (والذي يسمى أيضاَ السوز دل آرا، ويسمى أيضاًàالشورك) جنس الجزع فيه جنس راست وأما الفرع جنس نهاوند.
مقام نيرز راست (أوàديلدار أو راست مصري): جنس الجزع فيه راست أما الفرع فهو بياتي على النوا.
- السيكاه (وأصلها في الفارسية: سه گاه).- العجم.- نهاوند.- دلنشين.

أيضاً من هذه المصطلحات الفارسية:
البشارف: البشرف كلمة فارسية معناها "المقدمة"، وهو مؤلف موسيقى ذو صيغة مقيدة، وهو من أطول المؤلفات التقليدية في التراث العربي، ويذخر البشرف بالجمل الموسيقية ذات القيمة الفنية العالية، ويصاغ البشرف عادة في الموازين الإيقاعية الكبيرة البسيطة، وغالباً ما يكون في ميزان 4/4. قالب البشرف يتكون من أربعة أقسام رئيسية تسمى كل منها "خانة"، ويفصل بين كل خانة وأخرى جزء أصغر يسمى "التسليم". ويصاغ التسليم في جمل موسيقية رشيقة، وعادة ما تنتهي على درجة الركوز أي أساس المقام، مما يجذب أذن المستمع ويشد انتباهه.
التخت الشرقي: لفظ تخت هو لفظ فارسي الأصل، معناه المكان الذي يتوسط المجلس، ويتكون التخت الشرقي في الغالب من خمس عازفين واثنان من المطربين (سنيدة للمطرب أو المغني الذي يرأس التخت).
* والأرموي هو أول من ذكر اسم "آواز" وهو لفظ فارسي للدلالة على اللحن المميز، وأول من عرف النغمة.
ومن الآلات الموسيقية العربية الفارسية الأصل: الصنج - الجنك - الناي - الكمان
ثم إن الخليل بن أحمد قد عاش في عصر كانت فيه حركة الترجمة تشهد أوج نشاطها، وهو عصر التقاء الثقافات الهندية والفارسية واليونانية بالثقافة العربية، فقد استبعد بعض الباحثين أن يكون علم العروض من اختراع الخليل وإبداعه من أن يرجع فيه إلى نمط يحتذيه، وأنه لابد أن يكون قد اطلع على كتب في العروض السنسكريتي (الهندي) والعروض اليوناني، ذاهبين إلى أن ولادة هذا العلم في ذهن الخليل متكاملا أو أشبه بالمتكامل هو أمر بعيد عن الواقع .

وهؤلاء استندوا في آرائهم تلك الى ما ذكره أبوريحان البيروني المتوفی سنة 440 هـ في كتابه ”تحقيق ما للهند من مقولة.. مقبولة في العقل أو مرذولة“ في فصله الموسوم بـ ”ذكر كتبهم في النحو والشعر“، حيث قال: إن العروض العربي مأخوذ أيضا من العروض الهندي، واليونانيون علی ما أتفرس في كتبهم يذهبون في أرجل الشعر (أشطره) مذهبهم (الهنود). وأشار إلى أن لدى الهنود علماً يسمونه ”جند“ وهو أوزان الشعر المقابل لعلم العروض، ملمحاً إلى احتمال اقتباس الخليل عروضه منهم بقوله: ”إن الخليل كان موفقاً في الاقتضابات، وإن كان ممكناً أن يكون سمع أن للهند موازين في الأشعار، كما ظن بعض الناس“.(البيروني ص 117).
5. العروض الشعري متفرع علی الإيقاع الموسيقي
وقد سبق وأن أشرنا في الفصل الثالث أن الشعر يتكون من حالة موسيقية عند الشاعر، وقد كان الشعر في مختلف الأمم ملازما للموسيقی منذ قديم الزمن. لذلك لا تتحقق مقدرة ضبط الإيقاعات الموسيقية إلا عند من يمتلك إحساسا موسيقيا.
والخليل بن أحمد الفراهيدي كان يملك هذا الحس الموسيقي الذي مكّنه من وضع يده على بحور الشعر العربي. إن تمتع الخليل بهذا الحس مرهف سبّب أن يستخدم علمه بأصول الموسيقى في استنباط علم العروض. وبنى نظامه في العروض على المفاهيم الصوتية في عصره والتي كانت شائعة الاستعمال في النحو والصرف واللغة، وهما مفهوم الحركة والسكون. وجعل الأساس في نظامه وحدات صوتية وظيفية تتكون من حركات وسكون (أسباب وأوتاد). ووضعَ بالاعتماد على تلك الوحدات وحداتٍ إيقاعية هي التفاعيل. وصاغها في صيغ تعكس أساسها الإيقاعي. وجعل دلالة الصيغة محصورة في الإيقاع لا في الصرف. واتبع في طريقة تكوينها الطريقة التي استعملها في حصر مواد معجمه العين، وهي التقليب الثابت. «مما لاشك فيه أن الخليل بن أحمد الفراهيدي شخصية عبقرية فريدة في تاريخ القصيدة العربية من خلال نظرية العروض الشهيرة التي جاء بها في أواخر القرن الهجري الثاني. فقد رسم ببراعة فائقة (النوتة) الموسيقية للقصيدة العربية على اختلاف إيقاعاتها المعروفة والموروثة آنذاك» .
في تأكيد العلاقة بين العروض الشعري الذي أبدعه الخليل بن أحمد والمقامات الموسيقية التي ساهم في إبداعها الأرموي، تجدر الإشارة إلی أن الأرموي طبّق نظام الدوائر الخليلي علی المقامات الموسيقية، وكما تقول الدكتورة، فاطمة غريب، أستاذة الموسيقى بكلية التربية الموسيقية جامعة المنصورة: «إن نتيجة جمع الأرموي للأجناس اللحنية الأصلية والفرعية أخرجت لنا 84 دائرة نغمية "مقامات". وقد اشتهر من هذه الدوائر النغمية اثنتا عشرة دائرة أو مقام أصبحت هي الأشهر والأصل في الموسيقى العربية. كما استخرج الأرموي من هذه المقامات الأصلية مجموعة من المقامات الفرعية. وبذلك يعتبر الأرموي أول من ذكر -في أي مرجع عربي معنيّ بالموسيقى العربية- أسماء الأدوار والمقامات الموسيقية الأصلية والفرعية. وهو أول من استخدام مصطلح "الأدوار" للدلالة على المقامات، وهو الذي وضع الدوائر الموسيقية لبيان بنيات السلالم الموسيقية، وجعل عددها 84 دائرة. وهو أول من وزع أبيات الشعر على الدرجات الموسيقية "النوتة الموسيقية" مع وضع عدد النقرات الإيقاعية تحت كل نغمة بالأرقام العربية، ويأتي هذا في إطار توسيع استعمال التدوين الموسيقي، وتُعَدّ هذه النماذج "النوتة الأبجدية" هي أقدم وثيقة مدونة تصل إلينا عن الموسيقى العربية».

6. الخليل بن أحمد: مثال رائع عن تكاتف الأدبين العربي والفارسي
رغم أن اللغة الفارسية انحدرت عن فصيلة اللغات الهند - أوروبية، وهي تختلف اختلافا جذرياً عن اللغات السامية التي تنتمي إليها اللغة العربية، لكن لا نجد في المجتمع البشري لغتين امتزجتا بمقدار ما امتزجت الفارسية بالعربية في إطار اللغة والأدب كليهما، وذلك بفضل الإسلام والقرآن الكريم الذي وحّد بين هاتين الشريحتين من شرائح الأمة الإسلامية. والنظام الخليلي الذي أخذه الفرس عن إخوتهم العرب يأتي في تكملة ما قام به العلماء الفرس كسيبويه والجرجاني في تأسيس علوم العربية، ليكون نموذجا عن عملية الأخذ والعطاء بين شرائح الأمة في سياق التواصل الثقافي والحضاري الإسلامي.

الخاتمـة
قاد بنا هذا البحث إلی مشتركات جمة بين النظامين العروضيين العربي والفارسي، والتي تشمل ما يقارب سبعين بالمائة من بحور الشعر، ولكن تبقی مساحة يختلف فيها العروض الفارسي عن مثيله العربي، وذلك بحكم كونه منحدرا من شعب يختلف عن العرب في خلفياته الثقافية والشعورية. ومن العبث القول بأن العروض الفارسي تقليد محض عن العروض العربي. والعروض الفارسي لم يبق في دائرة الأوزان الخليلية الخمس عشرة، بل ازداد ليصل إلي ثلاثة وثلاثين وزناً، مما يدل على تنوع فائق في الشعر الفارسي مقارنة بالشعر العربي.

واستشهدنا بطريقة الخليل نفسه في الإبداع لرفض السلوك التقليدي المحض الذي اتخذه معظم العروضيين العرب والفرس في اتّباع مدرسة الخليل في العروض، وأكدنا علی ضرورة التجديد في مناهج العروض لرفع نقائصه المزمنة.
كما قاد بنا إلی ضرورة التفريق بين العروض وعلم العروض في عملية التفاعل العربية الفارسية، وانتهينا إلی أن العروض هو جرّ الموسيقی من الأصوات النغمية إلی لغة الشعر، وبما أن العرب متأثرون إلی حد كبير بالمقامات الموسيقية الإيرانية واختيار الأسماء الفارسية لغالبية مقاماتهم الموسيقية خير دليل علی هذا، فليس من العصبية القول بتأثر الخليل بن أحمد الفراهيدي بهذه المقامات في تأسيسه لعلم العروض، مما يعني أن هناك دورا للفرس في تكوين العروض العربي عبر الموسيقی، علماً أن هذا التأثر بالثقافة الفارسية معترف به عند بعض الباحثين العرب المعاصرين كالأستاذ الدكتور عبد الهادي التازي المغربي والأستاذ الدكتور يوسف بكار الأردني.
***

فهرس المنابع

ابن المعتزّ عبد الله (1976). طبقات الشعراء. تحقيق عبد الستار فرّاج. ط3. القاهرة.
ابن خلكان شمس الدين (1978). وفيات الأعيان. تحقيق إحسان عباس. بيروت: دار صادر.
ابن سلام الجمحي (د.ت). طبقات فحول الشعراء. تحقيق محمود محمد شاكر. القاهرة: مطبعة المدني.
أبو الطيب اللغوي (1974). مراتب النحويين. تخقيق محمد أبوالفضل إبراهيم. ط 2.مصر. القاهرة: دار النهضة.
الأصفهاني، حمزة بن حسن. التنبه علی حدوث التصحيف.

بدوي السعيد محمد. تقنية المعلومات عند الخليل بن أحمد الفراهيدي ومشروع الجمع الثاني للغة العربية.
بكار، يوسف. تقنية المعلومات عند الخليل بن أحمد الفراهيدي.
التازي، عبد الهادي. الإيقاع والنغم عند الخليل بن أحمد الفراهيدي وأثره في الشعر والموسيقی.
الزبيدي محمد بن الحسن (1973). طبقات النحويين واللغويين. تحقيق أبوالفضل إبراهيم. القاهرة: دار المعارف.
الطنطاوي.محمد: نشأة النحو العربي وتاريخ أشهر النحاة.

مصطفی محمود. (د.ت.). أهدی سبيل إلی علمي الخليل: العروض القافية. بيروت: دار القلم.
الأنباري، أبو البركات. نزهة الألبّاء
خليفة، أحمد عبد المجيد محمد. في الموسيقى الشعرية.
أديب، ميشيل. مجلة "الموقف الادبي" العدد 373 أيار 2002.
المخزومي، مهدي (1989). الفراهيدي : عبقري من البصرة. الطبعة الثانية. بغداد : دار الشؤون الثقافية العامة.
ابن خلكان، أحمد (1980). وفيات الأعيان وأنباء الزمان. ت: إحسان عباس. بيروت: دار الثقافة.
رازي، شمس الدين محمد بن قيس.(1360). المعجم في معايير أشعار العجم. به تصحيح محمد بن عبد الوهاب قزويني. تهران: كتابفروشي زوار.

خلوصي،صفاء.(1977).فن التقطيع الشعري والقافية.بغداد: منشورات مكتبة المثنی.
البيروني، أبوريحان محمد بن أحمد.(1957 م): تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أومرذولة. حيدر آباد الدكن: مجلس دائرة المعارف العثمانية.
الصفحة الرئيسة

بقلم :د.محمد خاقاني أصفهاني(أستاذ مشارك في قسم اللغة العربية وآدابها بجامعة إصفهان)
المصدر:
رابطة الحوار الديني